بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 أكتوبر 2010

دراسة فى مدى دستورية نص المادة (586) من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999

دراسة فى مدى دستورية نص المادة
(586) من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999


مقدمة/-
فى ظل المتغيرات الأقتصادية الحديثة التى يشهدها المجتمع المصرى , والتحول إلى الرأسمالية , والقضاء على كل صور الإشتراكية , تمضى الدولة فى محاولة جادة لفتح مجالات الإستثمار الوطنى والأجنبى , وجذب رؤس الأموال , وتشجيع الإستثمار 0
وفى هذا السياق كان لزاما على المشرع المصرى أن يسطر من القوانين مايتماشى مع هذا التغيير الذى طرأ على المجتمع , فكانت قوانين الإستثمار المختلفة , بالإضافة الى تغيير القانون التجارى القديم , وإستبدالة بالقانون التجارى الجديد رقم 17 لسنة 1999 فى محاولة جادة لمسايرة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التى طرأت على مجتمعنا 0
ولما كانت النظرية تختلف عن التطبيق العملى , وكانت نقاط الضعف فى التشريعات المختلفة لا تظهر إلا حال التطبيق فى المنازعات المختلفة التى تعرض على القضاء بصدد تطبيق قاعدة قانونية معينة 0
ولما كان وجود نص مثل نص المادة (586) فى التشريع التجارى الجديد , مع كل ما يحمله من سلطات واسعة للمحكمة فى التحفظ على شخص المدين المفلس ومنعه من السفر وتقييد حريته دون ضابط أو رقيب , يمثل خطورة على المستقبل الإقتصادى بمصر , كما يمثل تعارضا لمبادىء الدستور , ولا يصل للحد الأدنى للديمقراطية فى الدول المتقدمة, كان لزاما علينا أن نوضح فيما يلى أهم نقاط تعارض هذا النص مع الدستور والمواثيق الدولية0



مدى ملاءمة المادة (586) للدستور وقواعد العدالة

- نصت المادة (586) من قانون التجارة على أنه "1- يجوز للمحكمة بناء على طلب قاضى التفليسة أوالنيابة العامة أو أمين التفليسة أو المراقب أن تأمر عند الاقتضاء بالتحفظ على شخص المفلس أو بمنعه من مغادرة البلاد لمدة محددة قابلة للتجديد. وللمفلس أن يتظلم من هذا الأمر دون أن يترتب على التظلم وقف تنفيذه.
2- وللمحكمة أن تقرر فى كل وقت إلغاء أمر التحفظ على شخص المفلس أو أمر المنع من مغادرة البلاد."
- ولا يخفى ما في هذا النص من تعدى صارخ على حرية الأفراد، لما أرساه من عقوبة قد تصل بإيداع المفلس في السجون مثله مثل أي مجرم أخر لا لذنب إلا لأنه قد تعسر في سداد ديونه وتوقف عن الدفع.
- وفي الوقت الذي كفل القانون لأي من المجرمين المعاملة اللائقة وهم أشخاص قد أذنبوا في حق المجتمع محدداً لهم مدة عقوبة لا يجوز الحكم بتجاوزها، ولا يجوز الحكم عليهم بها مجدداً عن نفس الفعل، عامل المشرع المدين المفلس معاملة أسوأ وأشد قسوة من معاملته للمجرمين، فقد أعطى للمحكمة سلطة مطلقة وواسعة في التحفظ عليه لحد يصل إلي إيداعه في أحد السجون وذلك في أي وقت شأت ودون تحديد لهذه المدة التي قد تطول أو تقصر بحسب ما تراه محكمة الإفلاس.

- أي من الفريقين أحق بالحماية وكفالة حقوقه وصيانة حريته.... مجرم أذنب في حق مجتمعه، وربما قتل أو سرق، أم شخص ساقه قدره للتعثر في مشروع أو كيان إقتصادى ربما فاد المجتمع واقتصاده في أي من الأيام.
- مخالفة المادة 586 من قانون التجارة 17/99 لمواد الدستور 41، 64، 65 من الدستور:
- النص المتقدم قد خالف نص المادة (41) من الدستور المصري فما نصت عليه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون."
- فالمادة 41 من الدستور تضمنت الحديث عن أى شكل من أشكال تقييد الحرية الشخصية أو المنع من التنقل ومن ثم تنطبق أحكامها على التحفظ والمنع من مغادرة البلاد الواردين فى المادة 586 من قانون التجارة، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فالمادة الدستورية صريحة فى ربط بين تقييد الحرية بأى شكل وبين التحقيق الجنائى ولم يفترض الدستور جواز تقديم الحرية لأسباب مدنية ودليلنا على ذلك نص المادة ذاته حيث جعلت الوضع الاستثنائى مرتبط بحالة التلبس وهى حالة جنائية، كما استلزمت صدور أمر تقييد الحرية من جهتين محددتين هما: النيابة والقضاء وذكر النيابة هنا دلالة قاطعة على اقتصار حكم المادة على الأوضاع الجنائية، وأخيرا عندما تحدثت المادة عن أغراض تقييد الحرية حصرتها فى أمرين متلازمين هما ضرورة التحقيق وأمن المجتمع، والتلازم هنا يستخلص من استخدام النص لحرف الواو بين عبارة ضرورة التحقيق وعبارة صيانة أمن المجتمع
وهذا ما أكدته وذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكمها الذي جاء نصه:-"لا يسوغ التوغل على الحريات العامة والمساس بحق كل مواطن في الأمن والحرية وضماناته الدستورية المقررة ضد القبض والاعتقال التعسفى، فكرامة الفرد وعزته وحريته دعامة لا غنى عنها في مكانة الوطن وقوته وهيبته."
(إدارية عليا – طعن 675، 797 لسنة 22ق- جلسة 27 مايو 1978)
المادة الطعينة تتعارض مع مبدأ الدولة القانونية (64، 65 من الدستور)
- الدولة القانونية ومشروعية السلطة
وحيث أن الدستور إذ نص فى المادة 65 منه على خضوع الدولة للقانون وان استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها - وأيا كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لأحد، ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها، ولئن ثم القول بان السلطة لا تعتبر مشروعة ما لم تكن وليدة الإرادة الشعبية وتعبيرا عنها، إلا أن انبثاق هذه السلطة عن تلك الإرادة وارتكازها عليها لا يفيد بالضرورة أن من يمارسها مقيدة بقواعد قانونية تكون عاصما من جموحها وضمانا لردها على أعقابها أن هى جاوزتها متخطية حدودها، وكان حتما بالتالى أن تقوم الدولة فى مفهومها المعاصر - وخاصة فى مجال توجيهها نحو الحرية - على مبدأ مشروعية السلطة مقترنا ومعززا بمبدأ الخضوع للقانون باعتبارهما مبدءان متكاملان لا تقوم بدونهما المشروعية فى اكثر جوانبها أهمية، ولان الدولة القانونية هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمان يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل تنظيم، وحدا لكل سلطة، ورادعا ضد العدوان.
(السبت 4/1/1992 – برقم22/8 ق د - ج ر - العدد 4 فى23/1/1992)

- خضوع الدولة للقانون والحقوق المسلم بها ديمقراطيا
(1)- وحيث أن المقرر أن مبدأ خضوع الدولة للقانون - محدد على ضوء مفهوم ديمقراطى - مؤداه إلا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية، مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية بالنظر إلى مكوناتها وخصائصها،
( رقم49/17 ق د -ج ر - العدد 25 فى 27/6/ 1996)
- ضرورة الالتزام بالحد الأدنى المقبول فى الدول الديمقراطية
وحيث أن الدستور ينص فى مادته الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى اشتراكى، وفى مادته الثالثة على أن السيادة للشعب، وهو يمارسها ويحميها على الوجه المبين فى الدستور، وفى مادته الرابعة على أن الأساس الاقتصادى لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكى الديمقراطى
وحيث أن مؤدى هذه النصوص - مرتبطة بالمادة65 من الدستور - انه فى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية، فان مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، وتتقيد هى بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى إلتزمتها الدول الديمقراطية باطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل بالتالى على إنتاجها فى مظاهر سلوكها المختلفة، وفى هذا الإطار، والتزاما بأبعاده، لا يجوز للدولة القانونية فى تنظيماتها المختلفة أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية، ولا أن تفرض على تمتعهم بها أو مباشرتهم لها قيودا تكون فى جوهرها أو مداها مجافية لتلك التى درج العمل فى النظم الديمقراطية على تطبيقها، بل أن خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم ديمقراطى مؤاده إلا تخل تشريعاتها بالحقوق التى تعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة،
(السبت 4/1/1992 - برقم 22/8 ق د - ج ر – العدد4 فى 23/1/1992)
ومن جماع ما تقدم يتضح ضرورة النظر للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بوصفها أداة كاشفة لما التقت عليه إرادة المجتمع الدولى فى تنظيم الحقوق والحريات
- هذا وقد نصت المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 على أنه "لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً"
وأي تعسف في حجز مواطن ليس له ذنب إلا أنه حاول أن يخدم اقتصاد وطنه عن طريق مشروعه أو كيانه التجاري أيا كان. إلا أنه تعسر بسبب أو لأخر.
هل من المنطقي ونحن بصدد تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال لتنشيط الاقتصاد القومي أن تحتوي المجموعة التجارية المصرية على مثل هذا النص الذي يمثل سيف على رقاب كل تاجر معرض في تجارته للخسارة والمكسب.
- هذا وقد جاءت الإتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية (وافقت عليها الحكومة المصرية بالقرار الجمهوري رقم 536 لسنة 1981 البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية – بالمادة (11) منها بالنص القاطع في هذه المسألة على أنه "لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي فقط".
وليست المعاملات التجارية سوى التزامات تعاقدية، فلم تكن التجارة في يوم من الأيام محل للتجريم ولا يجوز أن تكون كذلك... إذن فأي مبرر لوجود مثل هذا النص في القانون التجاري، وأي عقاب هذا الذي يفرضه على شخص تاجر في تجارته ولم يوفقه الحظ للمكسب وساقه للخسارة والتوقف عن الدفع.
- ثم ما الضمانات التي يوفرها هذا النص للحفاظ على كرامة الشخص المدين المتحفظ عليه؟
- ما هي الضوابط التي تقيد محكمة الإفلاس وهي بصدد إصدار مثل هذا الحكم الخطير؟
- ما هي مدة مثل هذا التحفظ الذي يمثل عقوبة أشد وأشنع من العقوبة الجنائية؟
- ما هي أوجه دفاع المدين لكي يدفع عنه مثل هذا الأذى، وما هي الرقابة القضائية لحكم محكمة الإفلاس إن كان نص المادة (586) من القانون التجاري قد أعطاها السلطة التقديرية الواسعة في إصدار مثل هذا الحكم دون رقابة من المحكمة العليا؟
- أسئلة كثيرة وهامة ليس لها إجابة سوى مخالفة نص المادة (586) تجاري للدستور المصري والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان.
- الحرية فى التنقل حق كفله الدستور ولا يجوز للسلطة التشريعية أن تقوض هذا الحق /-
حق المواطن فى استخراج وحمل جواز السفر لا يعد فحسب عنوانا لمصريته التى يشرف بها داخل وطنه وخارجه بل يعكس فوق ذلك رافدا من روافد حريته الشخصية التى حفى بها الدستور بنصه فى المادة 41 على انها مصونة ولا يجوز المساس بها ( وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على احد او .... او منعه من التنقل الا بامر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع ويصدر هذا الامر من القاضى المختص او النيابة العامة وذلك وفقا لاحكام القانون ) دالا بذلك على ان حرية الانتقال تنخرط فى مصاف الحريات العامة وان تقييدها دون مقتض مشروع انما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها ويقوض صحيح بنيانها وقد عهد الدستور بهذا النص الى السلطة التشريعية دون غيرها بتقدير هذا المقتضى ولازم ذلك ان يكون تعيين شروط اصدار وثيقة السفر بيد هذه السلطة والاصل فيها هو المنح استصحابا لاصل الحرية فى الانتقال والاستثناء هو المنع وان المنع من التنقل لا يملكه الا قاض او عضو نيابة عامة يعهد اليه القانون بذلك دون تدخل من السلطة التنفيذية .

[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 243 سنة قضائية 21 مكتب فني 9 تاريخ الجلسة 04 / 11 / 2000 - صفحة رقم 777]

إن المادة 50 من الدستور تردد هذه الحرية ذاتها بإطلاقها حق كل مواطن ــ وفيما خلا الأحوال التى يبينها القانون ــ فى أن يقيم فى الجهة التى يختارها داخل بلده ، فلا يرد عنها ، ولا يحمل على أن يتخذ غيرها مقراً دائماً . كذلك فإن حرية الانتقال ــ وما يقارنها من إختيار الشخص لجهة بعينها يقيم فيها ــ هى التى إعتبرها الدستور من عناصر الحرية الشخصية ، فلا تتكامل بعيداً عنها ، وكان مفهوماً بالتالى أن ينص فى المادة 41 ، على أن القبض والحرمان من الانتقال مشروطان ــ إذا لم يكن ثمة تلبس ــ بصدور أمر بهما من جهة قضائية يكون مستنداً إلى ضرورة يستلزمها التحقيق ، ويقتضيها صون أمن الجماعة . وفى إطار هذه الحرية ذاتها ، فإن إبعاد المواطن عن بلده أو رده عن العودة إليها ، ممنوعان بنص المادة 51 من الدستور ، ولو كان ذلك تدبيراً إحترازياً لمواجهة خطورة إجرامية . وكشف الدستور كذلك عن بعض الأبعاد التى تتسم بها حرية الانتقال ، وذلك بما نص عليه فى المادة 52 من أن لكل مواطن حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التى يضعها المشرع فى شأن شروط الهجرة وإجراءاتها . وجعل الله تعالى حرية الانتقال حقاً وواجباً بأن مهد الأرض لتكون ذلولاً لعباده ، يمشون فى مناكبها أعزاء غير مقهورين . وتشهد هذه النصوص جميعها بأن حرية الانتقال حق عام ، وأن تقييده دون مقتض مشروع ، إنما يجرد الحرية الشخصية من خصائصها ، ويقوض صحيح بنيانها .

[الفقرة رقم 6 من الطعن رقم 48 سنة قضائية 17 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 22/2/ 1997- صفحة رقم 411]

إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما أرتاه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة - وفى الصدارة منها حرية الاجتماع - كي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية ، أو تتداخل معها ، ما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة ، وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة ، مطلبا أساسيا توكيدا لقيمها الاجتماعية ، وتقديرا لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها ، وقد واكب هذا السعي وعززه بروز دور المجتمع المدني منظماته - من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية وعمالية - في مجال العمل الجمعي .


[الفقرة رقم 5 من الطعن رقم 153 سنة قضائية 21 مكتب فني 9 تاريخ الجلسة 03 / 06 / 2000 - صفحة رقم 582]


- إن وطننا وهو بصدد تشجيع الاستثمار وبذل الجهد نحو جذب رؤوس الأموال لتنشيط الاقتصاد القومي يحتاج إلي قانون تجاري واقتصادي قوي يتعايش مع السياسية الاقتصادية للدولة بما يحفظ عليها اقتصادها قوياً ومنتعشاً، ويشجع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال لاستثمار أموالهم وإقامة مشروعاتهم فوق أرض وطننا الحبيب.
- إلا أن وجود مثل هذا النص التعسفي (586) في قانوننا التجاري يمثل خطورة نحو تشجيع الاستثمار وتنشيط الاقتصاد القومي بما يتعارض مع سياسة الدولة خاصة ونحن في أمس الحاجة لاقتصاد قوي في مثل هذه الظروف.
- إن القانون التجاري المقارن في جميع البلدان المتقدمة لا يحتوي على نص يعطى للمحكمة الحق في حبس المدين المفلس أو التحفظ عليه وتقييد حريته.
- لقد أحتوى نص المادة (586) تجاري على إهانة لشخص المدين المفلس وكرامته دون جرم، ذلك الشخص الذي ربما كان ذات يوم ذو مكانة اقتصادية يخدم وطنه واقتصاده، وهو ما يمثل تعدي صارخ على وثيقة إعلان الدستور المصري لسنة 1971 حيث جاء بالبند الثالث منه: "أن التطوير للحياة في وطننا، عن إيمان بأن التحدي الحقيقي الذي تواجهه الأوطان هو تحقيق التقدم، والتقدم لا يحدث تلقائياً أو بمجرد الوقوف عند إطلاق الشعارات، وإنما القوة الدافعة لهذا التقدم هي إطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلاقة والمبدعة لشعبنا الذي سجل في كل العصور إسهامه عن طريق العمل وحده في أداء دوره الحضاري لنفسه وللإنسانية.
- كما جاء بالبند الرابع: الحرية لإنسانية المصري عن إدراك لحقيقة أن إنسانية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدي ووجه خط سير التطور الهائل الذي قطعته البشرية نحو مثلها الأعلى.
- إن كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن ذلك أن الفرد الذي هو حجر الأساس في بناء الوطن وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته.
- إن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت.
- هذا وبناء على ما تقدم، وحيث أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة كما أن نصوصه لها الصدارة بين قواعد التشريع التي يتعين التزامها، ولا يجوز للسلطة التشريعية أن تسن من القوانين ما يتعارض مع أحكام الدستور وإلا شكل ذلك مخالفة دستورية تخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا، التي أسندت إليها مهمة حماية أحكام الدستور

مذكرة فى جناية تعاطى مخدرات

محكمة جنايات القاهرة
الـدائـرة ( )
مذكرة بدفاع
__

السيد /00000000000000000000000000000000000000000000000000 ( مـتهـم )

ضـــــد

الـنيـابـة الـعامـة 0000000000000000000000000000000000000000( سلطة إتهام )

فى الجناية رقم لسنة 2006 البساتين والمحدد لها جلسة اليوم / /2007
الـدفـاع

الدفاع عن المتهم يلتمس من عدالة المحكمة البراءة تأسيسا على :

1-بطلان القبض والتفتيش لبطلان الإستيقاف وإنتفاء أحد حالات التلبس المذكورة على سبيل الحصر بالمادة (30) إجراءات جنائية 0

2-إنقطاع صلة المتهم بالأحراز المضبوطة , لقصور النيابة عن بيان وصف ووزن الأحراز , وتناقض محضر الضبط والتحقيقات عما جاء بتقرير المعمل الجنائى 0

3-قصور التحقيقات وخلو المحضر من وجود معاينة لمكان ضبط الأحراز المنسوبة للمتهم بالمخالفة لما إشترطته المادة (31) إجراءات جنائية 0

4-إغفال محضر الضبط ومحضر التحقيقات سؤال شهود الواقعة أو ذكر بياناتهم كما قرر محرر محضر الضبط , من أنه كان هناك شهود على الواقعة 0

5-تلفيق الإتهام وخلق واقعة تلبس بمعرفة الضابط محرر المحضر 0

أولا
بطلان القبض والتفتيش
لبطلان الإستيقاف وإنتفاء وجود حالة من حالات التلبس
ـــــــــــــــــــ
أولا : بطلان القبض والتفتيش لإنعدام المبرر لإسيقاف المتهم :

-جاء بمحضر الضبط على لسان محرره أنه أثناء تواجده بالكمين تم الإشتباه فى أحد الأشخاص ويدعى , ويحمل بطاقة رقم وعليه إسوقفناه 0000إلخ ماجاء فى المحضر من إختلاق لحالة إستيقاف رتب عليها بعد ذلك خلق حالة تلبس ليس لها أساس من الصحة 0

-فمن المقرر قانونا أن الاستيقاف هو مطالبة الغير بالتوقف ، والاستيقاف نوعان . استيقاف الريبة والشك أي استيقاف بسبب الريبة والشك ، و استيقاف تسمح به بعض القوانين للتأكد من الالتزام بالقانون 0

-ويقصد باستيقاف الريبة والشك ، إيقاف رجل السلطة العامة لشخص وضع نفسه طواعية واختيارا موضوع الشك والظنون بفعل أتاه ، لسؤاله عن أسمه وعنوانه ووجهته 0

-والتساؤل 000 ما الذي يبرر استيقاف الريبة والشك ، وبمعني أكثر عملية 000 لماذا يستوقف رجل السلطة العامة شخص معين دون غيره ؟000 ما الذي دعي رجل السلطة إلى إجراء الاستيقاف 000؟ 0


استيقاف الريبة والظن يبرره أن الشخص بفعله أو بسلوكه وضع نفسه موضع الظنون والريب ، وأن هذا الوضع [ الفعل أو السلوك الذي أتاه الشخص ] غير مألوف أو غير طبيعي أو غير معتاد ، أو كما يوصفه البعض بأنه فعل أو سلوك شاذ وينبئ عن ضرورة تدخل رجل السلطة العامة للكشف عن حقيقة الأمر في سبيل أداء واجبة في الكشف عما وقع من جرائم ومعرفة مرتكبيها.


إذا 000 ففعل أو سلوك الشخص ، هذا الفعل أو السلوك الغير طبيعي والغير مألوف هو الذي يبرر الاستيقاف ، وبدون هذا الفعل أو السلوك لا يحق لرجل السلطة العامة أن يستوقف هذا الشخص 0

وبإنزال هذه المبادىء على الدعوى الماثلة نجد أن المحضر قد أثبت أن الواقعة تمت فى الساعة الثالثة والنصف ظهرا , على طريق الأوتستوراد السريع , والمتهم كان يقوم بعمله كسائق تاكسى ويمر من هذا الطريق , لتوصيل بعض الركاب 0

-أى حالة إشتباه إذن فى تاكسى يمر على طريق سريع مثل الأوتستوراد فى وقت الذروة الساعة الثاثة والنصف ظهرا ؟!!!

-للأسف سكت محضر الضبط عن إيضاح ما إرتكبه سائق هذا التاكسى من فعل مريب حتى يتم إستيقافه ؟


-بل الأدهى والأمر أن محرر المحضر ( ضابط الواقعة ) قد إشتبه فى شخص المتهم , وليس فى السيارة , وذلك على عكس ما ذكر بالمحضر أن المتهم كان يقود التاكسى لأداء عمله 0 فكيف يعقل أن يشتبه فى شخص يركب سيارة ويمر على طريق سريع فى وقت الذروة من الظهيرة ؟؟!!! 0

-كذلك فمجرد وجود الكمين أو الدورية الشرطية , كما يزعم ضابط الواقعة , لايعنى إستيقاف أى شخص , بل يتحتم أن يضع الشخص المستوقف نفسه بفعله أو بسلوكه موضع الريبة والظنون وهو ما يثبته مأمور الضبط بمحضره , وهو الأمر الذى لم يقم به محرر المحضر حتى نقف على السبب الذى تم على أساسه إستيقاف المتهم 0

وقد قضت محكمة النقض بأن ( الاستيقاف قانونا لا يعد وان يكون مجرد إيقاف إنسان وضع نفسه موضوع الريبة فى سبيل التعرف على شخصيته ، وهو مشروط بالا تتضمن إجراءاته تعرضا ماديا للمتحـرى عنه يكون فيه ماس بالحرية الشخصية أو اعتداء عليها) 0
[ طعن 1294 لسنه 69 ق جلسة 23/2/1999 ]

وقضت أيضا أن ( إجازة الاستيقاف لرجل السلطة العامة مناطه أن يكون الشخص قد وضع نفسه طواعية واختيارا موضع الريب والشكوك وأن يكون تدخل رجل السلطة العامة غايته استيضاح الحقيقة والوقوف على الأمر ) 0
[ طعن 1877 لسنه 70 ق جلسة 24/3/2000 ]

وقضت أيضا بأن (القوانين الجنائية لا تعرف الاشتباه لغير ذوى الشبهة والمتشردين وليس فى مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه )

( الطعن رقم 1287 لسنة 46 ق – جلسة 28/3/1977 )


-كما قضت بأنه( متى كان المخبر قد أشتبه في أمر المتهم لمجرد تلفته وهو سائر فى الطريق ، وهو عمل لا يتنافى مع طبائع الأمور ولا يؤدى إلى ما يتطلبه الاستيقاف من مظاهر تبرره فان الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس فى القانون ).

[ 24/4/1970 أحكام النقض س 79 ق 28 ص 159 ]


كما قضت بأنه( لما كان ضابط المباحث قرر أن المتهم كان يسير بالطريق العام ليلا يتلفت يمينا ويسارا بين المحلات ، فليس ذلك ما يدعو للاشتباه في أمره واستيقافه ، لأن ما أتاه لا يتنافى مع طبيعة الأمور ، وبالتالي فان استيقافه و اصطحابه إلى ديوان القسم هو قبض باطل ).
[ 13/1/1980 أحكام النقض س 66 ق 38 ص 491 ]

-وعلى ذلك يتضح أمام عدالة المحكمة إنعدام وجود مبرر يستوجب إستيقاف المتهم , فظروف الواقعة كما بينا وكما سطر بمحضر الضبط أن المتهم كان يقوم بأداء عمله كسائق تاكسى , حيث قام بتوصيل أحد الركاب , الساعة الثالثة والنصف ظهرا , فأى ريبة أو شك أو عمل غير طبيعى سلكه المتهم حتى يتم الشك فيه وبالتالى يتم إستيقافة 0

-الأمر الذى يتعين معه الحكم ببراءة المتهم لإنعدام المبرر لإستيقافه , وبالتالى بطلان القبض والتفتيش وبطلان ما ترتب على الإستيقاف من آثار0

ثانيا بطلان القبض والتفتيش لإنتفاء وجود أحد حالات التلبس :

-نصت المادة (30 ) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ( تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة.
-وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها ، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به فى هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك ) 0

-وحالات التلبس كما وردت بنص المادة (30) جاءت على سبيل الحصر وهى أربع حالات كالآتى :
1-إذا اتبع المجني عليه مرتكبها 0
2-تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها 0
3-إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها 0
4-إذا وجدت به فى هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك 0


-وبإنزال ما جاء به نص المادة (30) من قانون الإجراءات الجنائية على الواقعة محل الدعوى الماثلة نجد أنه لم تتوافر فى حق المتهم أى حالة من حالات التلبس التى جاءت على سبيل الحصر , وإنما قام مأمور الضبط بإختلاق حالة من حالات التلبس بناء على إستيقاف باطل منعدم المبررات , الأمر الذى يكون معه حريا معه الحكم ببراءة المتهم مما نسب إليه 0

-وقد قضت محكمة النقض بأن (التلبس الذى ينتج أثره القانوني مشروط بأن يجئ اكتشافه عن سبيل قانوني مشروع ، ولا يعد كذلك إذا كان قد كشف عنه إجراء باطل كالدخول غير القانوني لمنزل المتهم ).


( الطعن رقم 1391 لسنة 29 ق جلسة 18/1/1960 )

-كما قضت أيضا بأنه (ما دام الثابت من الحكم إن القبض على المتهم حصل قبل شم فمه وأن الدليل المستمد من الشم مع ما فيه من مساس بحرية المتهم لا يمكن اعتباره مستقلا عن القبض الذى وقع باطلا، فلا يصح أن يقال أن الكونستابل شم المخدر يتصاعد من فم المتهم على اثر رؤيته يبتلع المادة وأن شم المخدر على هذه الصورة

يعتبر تلبسا بحريمه الإحراز فيكون غسيل المعدة بعد ذلك إجراء صحيحا على أساس هذا التلبس ).

( الطعن رقم 1307 لسنة 28 ق - جلسة 22/12/1958 )

-كما قضت أيضا بأنه ( لا تعرف القوانين الجنائية الاشتباه لغير ذوى الشبهة والمتشردين ، وليس فى مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك أو وضع يده فى جيبه - على فرض صحته - دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه ما دام أن المظاهر اللى شاهدها رجل البوليس ليست كافيه لخلق حالة التلبس بالجريمة التى يجوز لغير رجال الضبطية القضائية من آحاد الناس القبض فيها ).

( الطعن رقم 506 لسنة 27 ق -جلسة 8/10/1957)

-بناء على ما تقدم نلتمس من عدالة المحكمة الحكم ببراءة المتهم لبطلان القبض والتفتيش لإنتفاء وإنعدام المبرر لإستيقاف المتهم والإشتباه فيه , ولعدم وجود أى حالة من حالات التلبس المنصوص عليها على سبيل الحصر 0


ثــانيـا
إنقطاع صلة المتهم بالأحراز المضبوطة
لقصور النيابة عن بيان وصف ووزن الأحراز
وتناقض محضر الضبط والتحقيقات مع ما جاء بتقرير المعمل الجنائى
ـــــــــــــــــــــــ
 
أولا : قصور محضر التحقيقات بالنيابة عن بيان وصف ووزن الأحراز :

-فقد جاء بالصفحة الرابعة من محضر التحقيقات بالنيابة تحت بند ملحوظة ( حيث قمنا بفض الحرز رقم 772 /2 مخدرات ووجدناه مطابق لما دون بالمحضر من بيانات ) 0

-فقد جاءت عبارات المحضر مجهلة , لا وصف فيها ولا وزن , محيلة لما جاء بمحضر الضبط من عبارات جاءت على نهج الأولى من تجهيل للوصف والوزن, فذكر كوباية زجاجية مجهلا لوصفها ( صغيرة , كبيرة , نوعها , ماركتها 0000) , وذكر نصف سيجارة كليوباترا مجهلا أيضا أوصافها ( هل كانت مشتعلة , هل توجد عليها أثار إحتراق أم لا , هل تحتوى على أى نوع من أنواع المخدر أم لا 000) , وغيرها من الأوصاف التى تفيد فى إنتساب هذه الأحراز للمتهم من عدمه , والوقوف على صحة الضبط وصحة الواقعة , من عدمه 0

-وقد قضت محكمة النقض بأنه (ومن حيث أن الثابت من محضر جلسة المحكمة أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعا مؤداه أن وزن المضبوطات ثلاثة جرامات بينما وزن ما تم تحليله فى المعامل الكيماوية جرام ونصف . لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن وزن المخدر المضبوط ثلاثة جرامات وفقا للثابت فى محضر تحقيق النيابة ومحضر

الضبط بينما الثابت فى تقرير المعامل الكيماوية أن وزن المخدر جرام ونصف ، وكان الفرق بين وزن المخدر عند ضبطه ووزنه عند تحليله ملحوظا، فإن ما دفع به الطاعن عن دلاله هذا الفارق البين على الشك فى التهمة إنما هو دفاع يشهد له الواقع ويسانده وكان يتعين على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري في صورة الدعوى بلوغا إلى غابة الأمر فيه أو ترد عليه بما ينفيه ، أما وقد سكتت وأغفلت الرد عليه فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور مما يوجب نقضه الإعادة ).
( الطعن رقم 4540 لسنة 58 ق - جلسة 7/12/1988)

-الأمر الذى تنقطع معه صلة المتهم بالأحراز المضبوطة , ويترتب عليه بطلان المحضر والتحقيقات , و يحق معه للمتهم طلب الحكم بالبراءة مما نسب إليه 0

ثانيا : تناقض محضر الضبط والتحقيقات مع ما جاء بتقرير المعمل الجنائى :

-جاء بمحضر الضبط المحرر بتاريخ 18/12/2006 أن الضابط محرر المحضر قد وجد بحوزة المتهم ( نصف سيجارة كليوباترا ) , بينما إنتهى تقرير المعمل الجنائى إلى ان ( الحرز يحتوى على سيجارة ملفوفة أليا , ولا توجد عليها أثار إحتراق وجد تبغها خاليا من الحشيش والمواد أو النباتات المدرجة بجدول المخدرات ) ولم يذكر التقرير أى شىء عن أن السيجارة ليست كاملة , أو أنها نصف سيجارة كما إدعى محرر محضر الضبط 0

-الأمر الذى تنقطع معه صلة المتهم بالأحراز المضبوطة , ويترتب عليه بطلان المحضر والتحقيقات , و يحق معه للمتهم طلب الحكم بالبراءة مما نسب إليه 0

ثـالـثــا
قصور التحقيقات وخلو المحضر من وجود معاينة
لمكان ضبط الأحراز المنسوبة للمتهم
بالمخالفة لما إشترطته المادة (31) إجراءات جنائية
ــــــــــــــــــــــــــــ

-تنص المادة (31) إجراءات جنائية على أنه (يجب على مأمور الضبط القضائي فى حالة التلبس بجناية أو جنحة أن ينتقل فوراً إلى محل الواقعة ويعاين الآثار المادية للجريمة ويحافظ عليها ، ويثبت حالة الأشخاص ، وكل ما يفيد كشف الحقيقة ويسمع أقوال من كان حاضراُ ، أو من يمكن الحصول منه على إيضاحات فى شان الواقعة ومرتكبها.
- ويجب عليه أن يخطر النيابة العامة فوراً بانتقاله ويجب على النيابة العامة بمجرد إخطارها بجناية متلبس بها الانتقال فوراً إلى محل الواقعة ) 0


-ويرى الدكتور مأمون سلامة , أن المعاينة هى إجراء بمقتضاه ينتقل المحقق إلى مكان وقوع الجريمة ليشاهد بنفسه ويجمع الأثار المتعلقة بالجريمة وكيفية وقوعها , وكذا الأشياء الأخرى التى تفيد فى كشف الحقيقة 0

( الإجرائات الجنائية معلقا عليها بالفقه والقضاء – د/ مأمون سلامة ص 344 وما بعدها )


-وعلى هذا تكون المعاينة دليل مباشرا أو عام بالنظر الى أن المحقق يلمس بنفسه العناصر المادية التى تفيد فى كشف الحقيقة 0

-والواقع أن كون مأمور الضبط القضائي هو من يقرر وجود وكفاية المظاهر الخارجية أمر يتسم بخطورة مفرطة مردها خشية سوء التقدير أو سوء القصد ، ولذا فقد الزم نص المادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية مأمور الضبط القضائي فى الجرائم المتلبس بها (جناية – جنحة) أن ينتقل فورا إلى محل الواقعة ويجري المعاينات اللازمة ويثبت ما تخلف عن الجريمة من أثار مادية وكذا حالة الأشخاص والإمكان ومرد هذا الإلزام أو الغاية منه إحداث نوع من الرقابة على مأمور الضبط ، لأن الآثار التي تتخلف عن الجريمة وكذا حالة الأشخاص والأماكن والتي يثبتها مأمور الضبط بمحضرة هي التي تنبئ بصدق عن وجود حالة تلبس بالجريمة من عدمها 0
-ومن المفهوم أن عدم إدراك مأمور الضبط القضائى ووكلاء النائب العام الأهمية التى تمثلها معاينة مكان الضبط , يؤدى الى إهمال جميع الأدلة التى تؤيد صحة إرتكاب المتهم للجريمة كما أن عدم نقل الصورة الحقيقية لمكان الضبط بدقة يؤدى الى نفس النتيجة , ومن ناحية أخرى فعدم الإهتماكم بنقل الأثار المادية , أو حدوث إختلافات فيما بين مأمور الضبط القضائى من حيث ما أثبته فى محضر جمع الإستدلال , وما أثبته وكيل النيابة فى محضر التحقيق يؤدى الى البراءة 0

( الأسباب الشائعة لآحكام البراءة فى قضايا المخدرات – صفوت درويش – طبعة 1989 )

-وبالرجوع الى محضر التحقيقات نجد أن النيابة العامة قد أغفلت إجراء المعاينة الازمة لمكان الضبط وفق ماإشترطته المادة (31) إجراءات , الأمر الذى يكون معه حريا الحكم للمتهم بالبراءة 0

رابعــا
إغفال محضر الضبط ومحضر التحقيقات سؤال شهود الواقعة
أو ذكر بياناتهم كما قرر محرر محضر الضبط
من أنه كان هناك شهود على الواقعة
ــــــــــــــــــ


-بسؤال الضابط محرر محضر الضبط بالنيابة العامة قرر كما جاء على لسانه بالصفحة السادسة من محضر التحقيقات أن :

-وحيث أن ماجاء من أقوال على لسان الضابط محرر محضر الضبط كانت هى المرة الأولى التى يقرر فيها أنه كان هناك شهودا للواقعة , وهم الركاب الذين كانوا بصحبة المتهم بالسيارة التاكسى خاصته 0


-وحيث أن محرر محضر الضبط لم يثبت ذلك بمحضره حال القبض على المتهم وتفتيشه , ولم يثبت أى بايانات عن وجود ثمة شهود , لا بمحضر الضبط ولا بمحضر التحقيقات , رغم ما لذلك من بالغ الأثر فى إثبات التهمة أو نفيها عن المتهم 0

-وحيث أن ما قام به مأمور الضبط يمثل مخالفة لنص المادة (31) إجراءات جنائية والتى ألزمته بأن يعاين الآثار المادية للجريمة ويحافظ عليها ، ويثبت حالة الأشخاص ، وكل ما يفيد كشف الحقيقة ويسمع أقوال من كان حاضراُ ، أو من يمكن الحصول منه على إيضاحات فى شان الواقعة ومرتكبها 0


-الأمر الذى ندفع معه ببطلان محضر الضبط , وإستبعاد كل ماقام به محرر المحضر وشاهد الإثبات الوحيد بالقضية من إجراءات ,وإستبعاد أى قول أو فعل قام به فى الواقعة محل الدعوى الماثلة كدليل إثبات , والحكم ببراءة المتهم لبطلان محضر الضبط لإغفاله سؤال شهود الواقعة كما قرر الضابط الذى حرر المحضر بمحضر التحقيقات من أنه كان هناك شهودا حال القبض على المتهم وهم من كانوا بصحبته من ركاب 0
خامسـا
تلفيق الإتهام وخلق واقعة تلبس بمعرفة الضابط محرر المحضر
وشاهد الإثبات الوحيد بالقضية
ــــــــــ

-من جماع ماتقدم وأبديناه من دفاع ودفوع يتضح جليا أمام عدالة المحكمة أن الواقعة محل الدعوى هى محض واقعة مختلقة ليس لها أساس من الصحة 0

-ودليــل ذلــك :

-عدم معقولية ما ذكره الضابط محرر محضر الضبط من إشتباهه فى شخص رغم أن هذا الشخص كان يقود سيارته التاكسى وقت ذروة على طريق الأستوراد كما قرر بالمحضر 0

-إغفال الضابط محرر محضر الضبط لإثبات وجود الشهود الذى قرر بأقواله فى تحقيق النيابة أنهم كانوا شهودا على الواقعة , ولم يثبت ثمة بيانات ترشد إليهم 0

-تعمد محرر المحضر تجهيل الأحراز , وبيان أوصافها ووزنها , علاوة على ماأثبته المعمل الجنائى من تناقض فيما توصل إليه من نتائج , وبين ما قرره محرر محضر الضبط 0

-التناقض فيما أثبته الضابط محرر محضر الضبط من أن الواقعة تمت فى الساعة الثالثة والنصف ظهرا ثم قرر أمام النيابة فى اليوم التالى بتاريخ 19/12/2006 أن الواقعة تمت الساعة الثانية والنصف صباحا , كما قرر بالصفحة (5) من محضر التحقيقات 0


-قرر الضابط محرر محضر الضبط بمحضره أنه قد عثر على شفرة موس بداخل الكوباية التى عثر عليها بالسيارة , ثم يأتى بالصفحة السابعة من محضر التحقيقات ليقرر أنه عثر على ذلك الموس بحوزة المتهم وليس بالسيارة كالآتى :

-بما يفهم منه أنه قد عثر على الموس بحوزة المتهم وليس بالسيارة كما قرر بمحضر الضبط , ولكن أين عثر عليه ؟ سيادته مش فاكر ؟!!!! مش فاكر ولم يتعدى على الواقعة عدة سويعات ؟!!!! ولا تعليق 0

والواقع العملى يكشف عن أنه تتضاعف بشكل سرطاني أرقام قضايا التلبس التي تحملها إلينا إحصائيات الجرائم سنوياً ، بل يومياً ، إلى الحد الذي يمكننا معه المقارنة بين عدد مأموري الضبط القضائي وكم قضايا التلبس ، وكأن التلبس صار قرين كل جريمة ، أو كأن كل جريمة صارت في حالة تلبس ، صحيح أن ضبط الجرائم ومعاقبة مرتكبيها وهو عين العدل وغاية العدالة ، لكن المرعب بل والمخيف أن تصل إحصائيات جرائم أو قضايا التلبس إلى عدد المليون والنص مليون في سنه واحدة.

ووجهة الدهشة حقيقة ليس هذا الحكم المرعـب والمخيف ، بل ما ألت إليه هذه القضايا ، وبمعني أوضح التصرفات والقرارات والأحكام التي صدرت في خصوص هذا الكم من القضايا.
1.أصدرت المحاكم أحكاماً بالبراءة لعدم توافر أي حالة من حالات التلبس في أكثر من 91% من هذا الكم من القضايا ، أي لأكثر من مليون وثلاثمائة قضية تلبس 000!!
2.أصدرت النيابة العامة قراراتها بالتقرير بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية لأسباب حاصلها انتفاء حالات التلبس قانونا فى أكثر من عشرة آلاف قضية تلبس 000!!
3.صدرت أحكام بالإدانة فى الكم المتبقي من قضايا التلبس وهو ما لا يجاوز 7% من إجمالي قضايا التلبس التي ضبطتها أجهزة الأمن 000!!

-فالمشكلة في تصورنا لم تعد في حالة التلبس ذاتها وإنما في اختلاق الجريمة والزعم أنها ضبطت في حالة تلبس ، فالبعض من مأمور الضبط القضائي ، من ذوي النفوس الضعيفة لا يكتفي بزعم وجود حالة تلبس ليحق له القبض والتفتيش ، بل أنه يقوم بدور أكثر خطورة ، فهو يختلق الجريمة ويختلق حالة التلبس ، فدس مخدر على شخص أو اختلاق لحالة تلبس بل اختلاق للجريمة ولحالة التلبس.

-وهو ما يتكشف أمام عدالة المحكمة بسهولة شديدة , الأمر الذى ندفع معه ببطلان ماإتخذه الضابط محرر محضر الضبط من إجراءات باطلة , ونلتمس من عدالة المحكمة الحكم ببراءة المتهم 0

-وقد قضت محكمة النقض بأنه ( يكفى أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم كى يقضى له بالبراءة، إذ ملاك الأمر كله .يرجع إلى وجدانه ما دام أن الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض . لأقوال شاهد الإثبات وسائر عناصر الدعوى بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام فيها

خلص إلى أن أقوال الشاهد محل شك للأسباب التى أوردها فى قوله "وحيث أن المحكمة يساورها الشك فى رواية شاهد الواقعة أنه أشتم رائحة المخدر تنبعث من المكان الذى كان المتهمون يجلسون فيه . . . . ذلك أن الثابت من الأوراق أن الحجر الذى يحتوى على المادة المخدرة المحترقة به احتراق جزئي بحيث لا يمكن أن تطمئن المحكمة إلى انبعاث دخان كثيف منه يشتم منه رائحته المخدر خاصة وأن المتهمين كانوا يجلسون فى العراء ولما كان أساس قيام الضابط بتفتيش المتهمين وضبط المخدر هو حالة التلبس بالجريمة التى استند إليها الضابط وإذ كانت المحكمة قد ساورها الشك فى توافر هذه الحالة فمن ثم فإن الدفع المبدي ببطلان القبض والتفتيش يكون على سند صحيح من القانون بما يبطله ويبطل الدليل المستمد منه . وهى أسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها )

(الطعن رقم 2383 لسنة 50 ق جلسة 15/1/1981)


لـذلـك

وبناءا على ما أبديناه من دفاع ودفوع , نلتمس من عدالة المحكمة الحكم ببراءة المتهم مما نسب إليه 0

مع حفظ كافة حقوق المتهم الأخرى

حجية التسجيلات الصوتية المأخوذة دون إذن السلطات القضائية للحصول على براءة المتهم

هذه جزء من مذكرة مقدمة منا أمام النيابة العامة فى قضية موضوع الإتهام بها جناية سرقة بالإكراه , تم تلفيق الإتهام بها بحبكة عالية , فما كان من المتهمون إلا أن قاموا بالتسجيل للمجنى عليهم الذين إعترفوا بتلفيق الإتهام وذلك من خلال المساومة التى جاءت بهذه التسجيلات , حيث نسخت هذه التسجيلات على إسطوانة إلكترونية وقدمت للنيابة رفق مذكرة بالدفاع كان جزءها الثانى هو شرح لحجية هذه المذكرة وهو ماسوف أعرضه عليكم لاحقا , وقدمت أيضا فى بلاغ مستقل عن إرتكاب المبلغين لعدة جرائم فى حق المتهمين كان من بينها التحريض على إستعمال القسوة , وهذا الجزء المعروض عليكم جاء بالمذكرة المقدمة فى البلاغ المستقل المنوه عنه 0

علما بأن القضية الأصلية الخاصة بإتهام السرقة صدر بها قرار المحامى العام بألاوجه لإقامة الدعوى بتوفيق من الله عز وجل



المذكرة


- 000000000

-لما كان ذلك , وكانت المجنى عليها قد أتهمت بجريمة سرقة , وهى من الجرائم الماسة بالشرف والأمانة , والتى لو ثبتت عليها وهى بريئة منها لنالت من سمعتها وسمعة بناتها وأولادها ولإستوجبت إحتقارها بين أهلها وجيرانها 0

-وحيث أن دفع تلك التهمة عن المجنى عليها وكشف المخطط والشرك الذى وقعت فيه بتخطيط وتدبير المشكو فى حقهم , هو أمر من الصعوبة , إلا أنه من حقها إثباته بكافة الطرق حتى ولو إلتجأت لإرتكاب أفعال جرمها قانون العقوبات , وذلك عملا بحقها المكفول بنص المادة (69) من الدستور , ونصوص المواد ( 7 , 60 , 61 ) من قانون العقوبات , والتى سارت على نهج الدستور وبهدى منه 0

-إعمالا لهذا الحق وهديا به قامت إبنة المجنى عليها بإجراء تسجيلات تلفونية للمشكو فى حقه الرابع , وآخرون إحتوت تلك التسجيلات على إعترافات مفصلة على تلفيق الإتهام بالمحضر رقم 0000 لسنة 2009 جنح 00000وكيديته, وكشفت تلك الإتصالات والتسجيلات عن الإتفاق بين المشكو فى حقهم على حياكة المؤامرة التى دبرت للمجنى عليها وتلفيق الإتهام لها فى المحضر رقم 0000 لسنة 2009 جنح0000 0

التأصيل القانونى لمشروعية الدليل المستمد من التسجيلات التليفونية
والمقدم من المجنى عليها للنيابة العامة
منسوخا على إسطوانة إلكترونية مدمجة
ـــــــ

-لما كان الدستور والقانون قد أرسى قواعد حاسمة للحفاظ على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين , وتجريم إنتهاك تلك الحرمة , واضعا عقوبات رادعة , لكل من ينتهك أو يتعدى على حرمة المواطنين الخاصة , إلا أن ذات الدستور وذات القانون , عندما يضع قاعدة ملزمة فإنه يبتغى دائما صالح المجتمع , وإن كان النص يحمى صالح الفرد , تأسيسا على ذلك إستقرت القواعد القانونية والتفسيرية على أنه إذا تصادمت قاعدة قانونية تحمى مصلحة فردية , مع قاعدة قانونية تحمى الصالح العام , فإنه يتم إعمال وتغليب القاعدة الأسمى , وهى القاعدة التى تحمى صالح المجتمع 0

-وعلى ذلك فإن إنتهاك حرمة حياة خاصة لشخص , وإن كانت تبغى حماية شخصية لهذا الفرد , فإنه لايجوز أن تتعرض تلك الحماية مع غاية أسمى , وهى كشف الجريمة حفاظا على إستقرار المجتمع وحمايته من الجريمة وأثارها , كما يجب ألا تتعارض تلك الحماية مع مصلحة شخصية أخرى أجدر بالحماية , وهى مصلحة المتهم الذى يبحث عن براءته مع توافر ضرورة ألجأته لإنتهاك حرمة غيره 0

-وقد أخذ الدستور بهذا النهج حين أباح فى المادة (45) منه الحق فى مراقبة الإتصالات والبرقيات , والمراسلات البريدية , والمحادثات التليفونية بأمر قضائى مسبب , ونظمت المادة (95/1) من قانون الإجراءات الجنائية ممارسة هذا الحق 0

-والمطالع لنصوص قانون العقوبات يجد أن تلك النصوص قد أمسكت عن عقاب كل من إرتكب جريمة ألجأته إلى إرتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره , بل أعطت الحق فى إرتكاب أى جريمة دفاعا عن النفس , أو الشرف أو المال , حتى ولو وصل الأمر للقتل , سواء وقع العدوان على الشخص ذاته , أو غيره , بل إن القانون و الفقه قد عرف مايعرف بالجريمة السلبية , وهى محاكمة الشخص عن عدم الدفاع عن المجنى عليه رغم أنه كان فى مقدوره وإستطاعته الدفاع عنه وإنقاذه من الجريمة التى وقعت عليه 0

-وعلى ذلك فإن كانت التسجيلات المقدمة تمثل فى حد ذاتها جريمة طبقا لنصوص المواد 309 مكرر , 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات و وذلك إذا ما أجريت هذه التسجيلات بطريقة مجردة هدفها التجسس والإبتزاز إنتهاكا لحرمة الحياة الخاصة للفرد , إلا أنه فى حالتنا هذه فإن هذه التسجيلات تمت بهدف درء ضرر وخطر محدق , وخطر جسيم على النفس تمثل فى إتهام ملفق بالسرقة سيؤدى حتما لتقييد حرية المجنى عليها بوضعها فى أحد السجون إضافة للإساءة لسمعتها وسمعة بناتها , وإحتقارهم عند الأهل والجيران 0

-وعلى ذلك فإن نصوص المواد 309 مكرر , 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات , وإن كانت تهدف حماية خاصة للفرد , فإنه لايجوز إعمالها على الدليل المقدم من المجنى عليها بالمحضر الماثل , وذلك لإصطدامها مع قواعد قانونية أخرى أسمى منها وأعلى درجة تهدف لحماية المجتمع نص عليها الدستور فى المادة (69) منه , ورسخها قانون العقوبات بنصه على حق الدفاع الشرعى العام فى المواد 7 , 60 , 61 0

-فقد نصت المادة (69) من الدستور على أن ( حق الدفاع بالأصالة أو الوكالة مكفول ) 0

-ونصت المادة (7) من قانون العقوبات على أنه ( لاتخل أحكام هذا القانون بأى حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة فى الشريعة الغراء ) 0

-ونصت المادة (60) من ذات القانون على أنه ( لاتسرى أحكام هذا القانون على كل فعل أرتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة ) 0

-وتنص المادة (61) على أنه ( لاعقاب على من أرتكب جريمة ألجأته إلى إرتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل فى حلوله ولافى قدرته منعه بطريقة أخرى ) 0

-فالسلوك الإنسانى لايتصف بعدم المشروعية إلا إذا نص على ذلك صراحة بمقتضى نص تجريمى محدد لماهية هذا السلوك وعناصره , ولكن هذه الصفة الآثمة يعطلها وجود سبب يبيح هذا السلوك و بحيث ينتقل به من دائرة التجريم إلى نطاق الإباحة 000 وإذا كان من المقرر أن الأصل فى الأشياء الإباحة وأن الأصل فى الإنسان البراءة , فإن النص التجريمى المتقدم يعتبر إستثناء على هذا الأصل , ثم يأتى بعد ذلك سبب الإباحة لكى يعتبر إستثناء على هذا الإستثناء فيرد الفعل إلى أصله من المشروعية 0

-وإذا كانت أسباب الإباحة تعتبر الوجه السلبى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات , فإن النتائج المترتبة على هذا الأخير , وفى مقدمتها عدم جواز القياس وعدم التوسع فى التفسير , إنما تجد لها تطبيقا عكسيا تماما فى مجال الإباحة , حيث يجوز فى شأنها القياس , والتوسع فى التفسير بحسبانها الأصل العام للسلوك الإنسانى , وعليه فإن حق الدفاع الشرعى وإن كان يتعلق فى ظاهره بجرائم القتل والإيذاء البدنى , إلا أنه يستطيل – على سبيل القياس – إلى جرائم أخرى عند توافر حكمة الإباحة 0

قانون العقوبات – القسم العام – د/ حسنين عبيد – طبعة عام 2000
دار النهضة العربية – ص 125 ومابعدها


-فقانون العقوبات إذ يهدف إلى حماية المصلحة الإجتماعية يلجأ إلى التجريم والعقاب بناء على إعتبارات الضرورة الإجتماعية والتناسب , ولاشك أن المشرع الجنائى عندما يفعل ذلك يتدخل فى مناطق شائكة يمارس فيها الناس حقوقهم وحرياتهم , ممايستتبع وضع حدود لهذه الممارسة بمايتفق مع إعتبارات المصلحة العامة , إلا أن تدخل المشرع بالتجريم والعقاب لايمكنه المساس بجوهر الحقوق والحريات فى الحدود التى رسم القانون ممارستها , وطالما كان الشخص ممارسا لحقوقه أو حريته فى الحدود التى رسمها القانون ظل فى دائرة الإباحة دون أن تمتد إليه يد التجريم , وتفوق حماية الحقوق والحريات على إعتبارات المصلحة الإجتماعية يرجع أساسا إلى تفوق الدستور على التشريع وإلى عدم توافر الضرورة فى إعطاء تفوق للمصلحة العامة يجعلها أجدر بالحماية , فجميع الحقوق والحريات التى يحميها الدستور تظل فى منطقة الصدارة ولايجوز المساس بمحتواها أو جوهرها , وتنحصر دائرة المشرع بالنسبة إليها فى التنظيم ورسم الحدود ووضع الضمانات فى إطار الضرورة والتناسب الذى أسلفنا بيانه دون أن تمتد يداه إلى غير ذلك , لهذا قلنا أن الإباحة صفة تلحق الفعل الذى يعتدى على أية مصلحة يحميها قانون العقوبات , إذا كانت هذه الإباحة ترتكز على مصلحة أو قيمة أجدر بالرعاية 0

-ولما كانت أسباب الإباحة تستند إلى ممارسة الحقوق والحريات التى حددها الدستور فإنها تعطل سلطة التجريم فى حدود هذه الممارسة , ولايعتبر الفعل جريمة عند ممارستها فى الحدود المقررة قانونا 0

-وهناك علاقة وثيقة بين التجريم والإباحة فإذا كان التحريم يقوم على التوازن بين الحقوق والحريات من خلال التناسب بينهما ,فإن الإباحة كذلك تقوم على هذا التوازن القائم على التناسب , فمن الصعب النظر إلى الحقوق والحريات المحمية بالتجريم بعيدا عن سائر الحقوق والحريات التى يحميها القانون , فقد تتنازع المصالح الناجمة عنها فى نحو يحتم التضحية بإحداها فى سبيل حماية الخرى , ممايستتبع إباحة الإعتداء على المصلحة المضحى بها من أجل المصلحة الأخرى الأجدر بالحماية , وبالتالى فإن السلوك الإنسانى قد يعتبر غير مشروع ومشروع فى آن واحد , فهو غير مشروع بالنسبة إلى المصلحة الأجدر بالحماية فى نظر القانون , فيتغلب جانب المشروعية على جانب عدم المشروعية 0

-وإذا نظرنا إلى حالة الضرورة , نجد أنها لاتصدر عن صاحب حق أو حرية يحميها الدستور , إذ تتوافر هذه الحالة عندما يجد الإنسان فسه أو غيره مهددا بضرر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره , فيضطر إلى إرتكاب جريمة لوقاية نفسه أو غيره من هذا الخطر فتكون مصلحته هى الجديرة بالحماية فى نظر القانون 0وواقع الأمر , إذا نظرنا إلى شروط توافر الفعل الضرورى نجد أنها تمثل موفقا يتعارض مع أساس التجريم والعقاب وهو الضرورة , والتناسب , لأن الفعل الذى يرتكبه الجانى فى حالة الضرورة ينقذ بها حياة أو مال شخص دفعا لخطر جسيم , ويكون هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف من بين الأفعال الممكن إرتكابها , يتحقق به تناسب مقبول بين المصلحة المراد حمايتها والمصلحة المضحى بها , فى هذه الحالة التى إعترف بها قانون العقوبات فى المادة (61) تكون الجريمة من الناحية الإجتماعية مقبوله , لأن الضرورة والتناسب كانا لتبرير الفعل مما ينفى بداهة أساس تجريمه , فإذا كان التضامن الإجتماعى قد أباح ضرورة , فإنه لايمكن أن يبرر العقاب عليها 0

أنظر فى قضاء محكمة النقض الفرنسية الذى إعتبر حالة الضرورة من أسباب الإباحة
Crim.18 juin 1958,bull. no. 471,25 juin 1958D. 1985.693,27Des.1961,j.c.p

-وبالتالى فإن أساس إباحة الضرورة ليس هو الحق الذى يحميه الدستور أو القانون , كما هو الشأن فى إستعمال الحق , وأداء الواجب , والدفاع الشرعى , وإنما لإنتفاء الضرورة التى توجب التجريم , الأمر الذى يؤدى إلى العودة إلى الأصل العام وهو الإباحة 0

القانون الجنائى الدستورى – د/أحمد فتحى سرور – دار الشروق – ط 2001 ص 212 ومابعدها

الخلاصة والنتيجة :

-نخلص مما تقدم إلى عدة نتائج هامة تتمثل فى :

1-أن التسجيلات التليفونية للمشكو فى حقه الرابع وآخرون المتحصل عليها بمعرفة نجلة المجنى عليها , و المنسوخة على الإسطوانة الإلكترونية المدمجة , والمقدمة للنيابة العامة كدليل بالمحضر , تم الحصول عليها بطريق مشروع إستنادا إلى حق المجنى عليها فى الحصول على دليل براءتها مما نسب إليها من إتهام ملفق , وإتقاء ما سيلحق بها من إجراءات تحقيق ومحاكمة قد تصل بها لتقييد حريتها فى أحد السجون , مما يمثل خطرا محدقا على نفسها وسمعتها وسمعة أولادها , وهو فى حد ذاته حالة ضرورة تبيح لها إرتكاب أى فعل إبتغاء درء ما سوف يصيبها من ضرر , ووصولا لإظهار براءتها , مما يخرج بتلك التسجيلات عن نطاق التجريم المنصوص عليه فى المواد 309 مكرر , 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات ليرسى بها فى ميناء الإباحة بما إشتملت عليه نصوص المواد 69 من الدستور , و7 , 60 , 61 من قانون العقوبات 0

طالما أن الدليل المستمد من التسجيلات التليفونية إكتسى بثوب الإباحة وخرج عن مجال التجريم , فإنه يحق للمجنى عليها الإحتجاج به أمام سلطات التحقيق , والمحاكمة الإستناد إليه كدليل بالقضية

الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

رمسيس الثانى المفترى عليه

رمسيس الثانى المفترى عليه




مقدمة/-

يثير البعض من حين لاخر مقولة ان رمسيس الثانى هو فرعون موسى الشهير دون دليل على ذلك القول سوى الترديد الغير مؤسس على علم او برهان , متناسين ان لهذا الامر خطورة واضحة على السياحة المصرية نظرا لما ينادى به البعض من ضرورة تخريب اثاره او على الاقل مقاطعة الاماكن السياحية التى يتواجد بها ثمة اثر لذلك الملك المفترى عليه , مما ينعكس بالسلب على الاقتصاد القومى , ويشوه صورة المصريين باعتبارهم شعب صاحب حضارة لايضاهيها الا نور الشمس 0

وعلى ذلك فاننا سوف نركز فى موضوعنا – وبحسب اجتهادنا – على تبرئة ذلك الفرعون العظيم( رمسيس الثانى ) من شبهة ان يكون هو نفسة فرعون موسى , وهو محض افتراء على ملك عظيم كانت فترة حكمه اعظم صفحات التاريخ المصرى 0



من هو رمسيس الثانى ؟


حكم رمسيس الثانى مصر الفرعونية بوصفه الفرعون المطلق فى الفترة مابين عامى 1279 و 1213 ق .م 0

كان رمسيس الثانى بمظهره البطولى وبنيانه القوى هو الشخصيةالتى سيطرت على تاريخ مصر طوال القرن الثالث عشر قبل الميلاد 0 واذا نظرنا نظرة عامة الى تاريخ الشرق الادنى فى ذلك الوقت – وهو فى الواقع تاريخ العالم المتحضر فى تلك العصور – نجد ان رمسيس الثانى كان من بين شخصياته البارزة المؤثرة , وان ملكه كان اكثر استقرارا ورسوخا من ملك اقرانه 0 ولاشك ان ملكى بابل وخيتا كانا مقاتلين عنيدين يوازيانه او يفوقانه فى الكفائة العسكرية الا ان عمر ملكهما كان قصيرا , فأطولهما عمرا لم يتألق لاكثر من نصف المدة التى امضاها رمسيس الثانى فرعونا على مصر 0
وباختصار كان عصر رمسيس الثانى عصرا فريدا له طابعه الخاص , وشهد من الاحداث فى الداخل والخارج شيئا كثيرا , وخلف من الاثار مايشهد له بنهضة انسانية عظيمة , مما يستحق ان يطلق على تلك الحقبة اسم العصر الرعامسى 0

وفى الحرب , كان الملك الشاب يبدو جريئا غير هياب , وقاد جيشه بنفسه لاسترداد قادش واستعادة المستعمرات السورية التى كان تحتمس الثالث قد ضمها لمصر , الى ان وقع معاهدة قادش الشهيرة للسلام 0

وفى السلم كان رمسيس الثانى بناءا عظيما , فلم يكتفى بانشاءاته العظيمة مثل الرمسيوم وابى سمبل واضافات معبد الكرنك ومدينته ( بى رمسيس ) , ومقبرته الرائعة بوادى الملوك 0 بل امتد نشاطه فى مجال المعمار الى حدود غير معهودة من قبل , خارج القطر المصرى 0

وعلى الصعيد القومى فقد انتعش فى عهدة الى حد كبير , فقد تدرب على تقييم الرجال والتعامل معهم منذ الصغر , وكانت لديه مواهب فذة فى تقدير الرجال – شأنه فى ذلك شأن ابيه وجده – لذلك احاط نفسه برجال تميزوا بالكفاءة والولاء , وادوا ما أوكل اليهم من اعمال بكل همة ونشاط , وكان النجاح من نصيبهم , وقد عمل بعض هؤلاء على حفظ التراث وتخليده 0
وقد توسع فى محيط اختيار الرجال فلم يقصره على دائرة محددة اساسها الاسر القوية فى منف وطيبة , بل انه لم يألواعلى استخدام كل من توسم فيه الكفاءة فى كافة اقاليم مصر , حتى ولو كان من عامة الشعب 0
كذلك زاد من الاستفادة بجهود الاجانب من الكنعانيين والحوريين واعطوهم الفرص للترقى فى وظائف القصر , وبذلك دخل المجتمع المصرى فى فلك العالمية بشكل غير مسبوق , وتوفرت الحوافز مع الاحتفاظ بالتقاليد المصرية الاساسية 0

وبعد حكم انفرادى مطلق ومتواصل لمدة 66 عاما , اوبعد 75 اذا ضممنا اليها مدة نيابته على العرش , مات رمسيس الثانى بقصرة الصيفى , ببى رمسيس , عن عمر يتعدى التسعين عاما 0

وبعد وفاته كان المثل الاعلى لخلفائه من الملوك الذين تسموا بأسمه وتشبهوا به الى درجة انهم اسموا اولادهم
باسماء اولاده وتكنت ازواجهم بأسماء زوجاته , وتبعهم فى ذلك حتى الملوك الاجانب الذين استطاعوا غزو مصر
الى ان وصل الامر الى ان اصبح اسم رمسيس يطلق كلقب ملكى 0


رمسيس الثانى ليس فرعون موسى

الدليل من القرأن الكريم /-

1- يقول الحق جل فى علاه ( ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون )0

(الاية 137 من سورة الاعراف ) 0

يقول بن كثير فى كتابه " تفسير القرأن العظيم " ( وقوله " ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه " اى وخربنا ماكان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع "وماكانوا يعرشون" قال ابن عباس ومجاهد " يعرشون " يبنون ) 0

ولا اجد تعليق ! فالنص واضح وصريح , فلم يعد لفرعون موسى اى اثر يخلد اسمه , شأنه شأن ملوك عصره , وانما قام الله عز وجل بتدمير كل الاثار التى بناها هو ومن اتبعه , ولم يبقى سوى جسده ليكون لمن خلفه اية 0

وهنا لنا وقفة , ان ماتركه رمسيس الثانى من اثار يتجاوز بكثير نصف اثار مصر فى الفترة الفرعونية والتى اكتشفت حتى الان 0
اذن , فان ماتركه رمسيس الثانى من اثاره كفرعون لمصر , يتعارض مع النص القرأنى القائل بتدمير اثار فرعون , وماخلفه هو وقومه , الذين اتبعوه , الامر الذى يدل بشكل قاطع على ان رمسيس الثانى ليس فرعون موسى 0



الدليل من الواقع التاريخى /-

اولا: ثبوت الكيفية التى مات بها رمسيس الثانى :-

من الثابت تاريخيا وحفريا ان رمسيس الثانى مات بقصره الصيفى بالدلتا بعد عمر فريد تعدى التسعين عاما نتيجة شدة حرارة الجو التى لم يتحملها رجل مريض فى مثل شيخوخته 0

مات رمسيس الثانى وعمرة يتعدى التسعين عاما , رجل مسن , اخذت منه الشيخوخة مااخذت , وهذا ما تدل عليه بوضوح موميائه المحفوظة بالمتحف المصرى بالقاهرة 0

اذن , هيا بنا نحكم العقل ! 0000 رجل مسن مريض تجاوز التسعين من عمرة لايستطيع مفارقة قصره , هل يقوى على الخروج على رأس جيش عظيم ,ليتحمل مشقة الحرب فوق عجلة حربية لايقوى على ركوبها سوى رجل ذو بأس ؟ 000 اظن ان الاجابة واضحة ! 0


ثانيا : استقرار الاوضاع بالمملكة بعد وفاة رمسيس , والانتقال الهادىء للحكم :-

بعد وفاة رمسيس انتقل الحكم لولى عهده ( مرنبتاح ) - ابنه السادس عشر - البالغ من العمر ستين عاما , والذى قاد الدولة بحرفية وبراعة وحكمة , بمساعدة مستشارين ابيه , وقام بأعمال جليلة كان على رأسها القيام بحملة استعراضية فى بلاد الشام وسوريا , لاظهار قوة الفرعون الجديد , والحفاظ على مستعمرات مصر بالخارج , فلم تشعر البلاد , بثمة فراغ بعد موت رمسيس الثانى , بسبب نشاط الفرعون الجديد 0

ولعل اخطر ما واجه مرنبتاح ابان فترة حكمه , هجوم قبائل الليبيين من الغرب , وهى اشنع هجوم لهذه القبائل واجهته البلاد , وذلك فى نفس الوقت الذى استغل فيه سكان النوبة الموقف للقيام بثورة , ومحاولة الهجوم على الاراضى المصرية 0
تصدى مرنبتاح لهذا الخطر الداهم من الغرب والجنوب , وقضى عليه تماما خلال ساعات بسيطة , عرفت فى التاريخ بحرب الساعات الست 0

وقد استمر مرنبتاح فى حكم مصر عشر سنوات , لينتقل الحكم لخلفائة بنفس الهدوء الذى تسلم به مقاليد الحكم بمصر 0

والسؤال ! هل لو كان رمسيس الثانى فرعون موسى , الذى خرج على رأس جيشة وكبار رجال الدولة ومستشارية , ليلقى بهم فى قدرهم المشؤم , هل كان حال الدولة سيكون على ماكان علية اثناء فترة حكم مرنبتاح ؟

والسؤال بصيغة اخرى ! ماهو حال الدولة التى يموت قائدها فجأة , ولايوجد من يخلفة , ولايوجد فى الدولة اى رجل من المتمرسين اصحاب الخبرة فى شئون الحكم ؟ هذا اذا اضفت ان البلاد دائما محل الاطماع فى هذه الفترة 0

هل لو كان مرنبتاح هو خليفة فرعون موسى , هل كان سيدير الدولة , ويخوض الحروب المجيدة , بهذه الكفائة التى سطرها له التاريخ , وهو الخليفة المجرد من المستشارين ورجال الحكم , والادهى انه ملك بلا جيش وسط مجتمع دولى يتحين الفرص للانقضاض , والغزو ؟ 00000 اترك لكم الاجابة ! 0



ثالثا فرعون موسى لم يكن له اولاد :-

قال الله عز وجل (وقالت امرأت فرعون قرت عين لى ولك لاتقتلوه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا وهم لايشعرون )

(سورة القصص الاية 9)
اخذ رمسيس فى الانجاب منذ السنوات الاولى لنيابته على العرش , وظل نسله فى زيادة حتى كون جيشا صغيرا أربى على المائة , منهم من مات صغيرا , واكثرهم امتد به العمر حتى صار فتيا , ومنهم من عاش اخر ايام والده وبعدها 0
هل الاب الذى يمتلك اكثر من مائة من الاولاد ما بين الذكور والاناث , بحاجة الى ان يقر عينه بطفل لقيط يتخذة ولدا
وهو الملك على اعظم مملكة فى عصرة ؟ 0



لماذا رمسيس الثانى ؟

لعل البعض يتسائل لماذا ارتبط اسم رمسيس الثانى بفرعون موسى ؟
والاجابة ان هذه المقولة ليس لها اى اساس تاريخى , سوى نصوص التوراة التى تتعارض تعارضا كليا مع الروايات التى جاء ذكرها فى القرأن الكريم , وهى النصوص اللآتية :-

جاء فى سفر الخروج " 14:7 "( واتخذ اليهود فى هجرتهم من مصر طريقهم من بى رمسيس جنوبا ثم شرقا حتى سكوت , ثم اتجهوا شمالا بحذاء البحيرات المرة 0 لقد اصبحوا محصورين ! ولم يفلت رمسيس هذه الفرصة , فارسل فى اثرهم تجريدة كبيرة من العربات الحربية حاصرت هذا العدد الضخم من عمال السخرة )0

(لكن رياح عاتية هبت على البحر الاحمر , والبحيرات , ففرقت الماء فرقين وأوجدت للأسرائيلين طريق الفرار 0 وما ان تابعتهم العربات حتى انطبق عليهم البحر فغرقت ووقعت بين المصريين خسائر فادحة )0
(الخروج 15)0
كما حددت الادبيات الاسرائيلية ذلك الحدث تقريبا خلال السنة 15 من حكم رمسيس الطويل على حد قولهم 0
(الخروج 20:1)0
( واثر الاسرائيليون الا يتخذوا طريقا نحو كنعان لكى لا يقعوا تحت طائلة الفرعون واتباعه بسهولة لذلك مضوا جنوبا وشرقا متوغلين داخل سيناء نفسها 0000000) 0
(الخروج 20)0


التعليق /-

لايخفى على القارىء الكريم ما فى هذه النصوص من مغالطات دينية وتاريخية , نجملها فى الاتى :-
1. جاء فى النص المتقدم ان رمسيس قد ارسل فرقة من العربات ولم يخرج بنفسة , وهذا تعارض مع قول الحق جل فى علاه (فأتبعهم فرعون بجنودة فغشيهم من اليم ما غشيهم ) " سورة طه الاية 78" 0
2. جاء فى نصوص اليهود ان الحدث كان فى السنة 15 من حكم رمسيس الطويل , وانهم اثروا الا يتخذوا طريق كنعان لكى لايتبعهم الفرعون مرة اخرى , وهذا معناه انه فى عقيدة اليهود , وبحسب ما يرويه كتابهم المقدس , لم يتبعهم الفرعون بنفسة , ولم يمت , او يغرق , وانما ظل على قيد الحياة مما جعلهم لايسلكون طريق كنعان كما ادعوا , من جملة ما ادعوا واكدوا على طول حكمة بعد الواقعة 0
وليس هناك اى رد على هذه المزاعم سوى قول الله الفصل (فأخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) " سورة القصص الاية 40"0
ففرعون موسى قد غرق وسط جنودة , الذين خرج على رأسهم وراء بنى اسرائيل , على خلاف ما ادعى اليهود من انه لم يخرج ورائهم , او من انه قد اكمل فترة حكم طويلة بعد ذلك على حد مازعموا 0

نخلص من ذلك ان ما جاء بالتوراة ليس له اى اساس من الصحة , لتعارضه مع القرأن الكريم , والحقائق التاريخية الثابتة من الاكتشافات الاثرية , وعلم المصريات , وعلى ذلك فان الدليل الوحيد على هذا الادعاء قد هدم بالكامل من الاساس , ولايتبقى سوى محض اقاويل مرسلة ليس لها اساس سوى الاعتماد على هذه النصوص المعدومة الصحة , بالاضافة لشهرة وعظمة ذلك الفرعون الظاهرة , والتى ساعدت بشكل كبير وواضح فى انتشار تلك الاقوال , فشهرة رمسيس الثانى , فى الماضى والحاضر لم ينافسة فيها اى ملك اخر, الهم الاتوت عنخ امون ,ذلك الفرعون الذى لم نعرف عنه , او عن فترة ملكة اى شىء , وكانت سبب شهرته فحسب , مقبرته الرائعة المكتشفة كاملة عام 1922 0

وفى النهاية ارجو ان اكون قد وفقت فى الدفاع عن ذلك الفرعون العظيم , واعطيته حقه كما اعطى لمصر وشعبها فى يوم من الايام حقها , وكان مثلا يضرب للحكم العادل الذى قضى فى عصرة على كل اساليب الفساد والرشوة ,وكانت الفرص للترقى فى المناصب العليا للدولة لاتعطى الالصاحب الحق فيها بحسب علمه وكفائته دون النظر لمستواه الاجتماعى او الطبقى او عمره0
كما كان رمسيس الثانى مثالا للبطولة العسكرية النابعة من غيرته على وطنه واراضيه , وحفظ كرامته , حتى كانت مصر فى عهده امبراطورية عظمى مترامية الاطراف تنعم بالرخاء الفاحش , ويحسب لها وجيشها الف حساب0

واخيرا لايسعنى سوى ان اقول ان ماتقدم هو من محض فكرى واجتهادى , فان كان قد صادف الصواب فهو من عند الله وتوفيقة , وان كان خطأ فالله ورسوله منه براء

أسباب الطعن بعدم دستورية نص المادة 210 /1 من قانون الإجراءات الجنائية

هذه الأسباب هى أسباب وردت فى طعن دستورى منظور بالفعل امام المحكمة الدستورية العليا صرحت برفعه محكمة جنايات القاهرة أثناء نظرها لإستئناف أمر بألا وجه لإقامة الدعوى صادر من النيابة حال تحقيقها فى محضر سرقة بالإكراه , حيث أن الإستئناف مرفوع من المجنى عليه , والقانون فى المادة 210 إجراءات لايعطيه هذا الحق , وبالتالى تم الدفع بعد الدستورية وقبلته المحكمة وتم رفع الدعوى الدستورية 0

والآن أترككم مع أسباب الطعن


أسباب الطعن

مقدمة
-تنص المادة 210 /1 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ( للمدعى بالحقوق المدنية الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألاوجه لإقامة الدعوى إلا إذا كان صادرا فى تهمة موجه ضد موظف أو مستخدم عام أو احد رجال الضبط بجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها مالم تكن من الجرائم المشار إليها فى المادة 123 من قانون العقوبات ) 0

-وبالنظر لهذا النص نجده قد مايز فى المعاملة والتطبيق بين المجنى عليه , والمدعى بالحقوق المدنية , فجعل للأخير حق الإستفادة من الطعن فى الأمر الصادر من النيابة بألاوجه لإقامة الدعوى دون أن يعطى هذا الحق للمجنى عليه ( المضرور الأصيل من الجريمة ) دونما مبرر أو مسوغ 0

-وغنى عن البيان أن هناك تباينا وإختلافا جوهريا بين تعريف المجنى عليه والمدعى بالحقوق المدنية , فقد يكون ذلك المدعى بالحقوق المدنية غير مجنيا عليه فى الجريمة , فليس كل مضرور من الجريمة مجنيا عليه , وهو الأمر المستفاد صراحة من نص المادة 199 مكرر إجراءات جنائية والتى نصت على انه ( لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء التحقيق )0

-إذن فالمدعى بالحق المدنى يصح أن لايكون هو نفسه المجنى عليه 0

-وإن كانت المراكز القانونية للمجنى عليه , والمدعى بالحقوق المدنية تتماثل فى كون الإثنين قد أضيروا من الجريمة وان سير التحقيقات نحو إدانة المتهم وتقديمه للمحاكمة الجنائية هى غاية مشتركة لدى كل من الإثنين , فإن التميز فى نص المادة 210/1 من قانون الإجراءات الجنائية ينطوى على إخلال سافر بمبدأ المساواه الذى كفله الدستور فى المادة 40 , وذلك عندما أعطى هذا النص الطعين الحق للمدعى المدنى فى الطعن فى قرارات النيابة العامة بألاوجه لإقامة الدعوى , سالبا هذا الحق من المجنى عليه رغم أن هذا الأخير هو الأحق بالحماية نظرا لكونه المضرور الأساسى من الجريمة والذى قد لاتمكنه ظروفه فى كثير من الأحيان من أن ينتبه إلى الإدعاء المدنى فى التحقيق نظرا لوقوعه تحت تأثير الجريمة النفسى ورهبتها فضلا عن أن الإدعاء المدنى أثناء التحقيقات يختلف عنه أثناء المحاكمة فى كون ان الإدعاء المدنى فى التحقيقات هو سلطة تقديرية للنيابة العامة قد لاتمكن المجنى عليه منه 0

-فضلا عن هذا فحرمان المجنى عليه من الإلتجاء للقضاء للطعن على هذه القرارات وإعطاء هذا الحق للمدعى بالحق المدنى فيه إخلال وتعارض مع ما نصت عليه المواد 68 , 69 من الدستور والتى نصت على أن التقاضى حق مصون ومكفول للناس ولكل مواطن حق الإلتجاء الى قاضيه الطبيعى 0

-وبذلك يتضح ان نص المادة 210/1 من قانون الإجراءات الجنائية قد خالف نصوص المواد 40 , 68 , 69 من الدستور المصرى , وذلك على التفصيل الآتى :



أولا : مخالفة النص الطعين لنص المادة 40 من الدستور

ـــــــــــــــــــــــــ
-وحيث أن الدستورقد حرص على النص على مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون بإعتباره الوسيلة الأساسية لتقرير الحماية القانونية المتكافأة للحقوق والحريات جميعا سواء التى نص عليها الدستور أو تلك التى يكفلها التشريع , وإذا كانت صور التميز المخالف لمبدأ المساواه لاتقع تحت حر فإن قوامه كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو إستبعاد بصوره تحكمية من التمتع بالحقوق المكفوله دستوريا أو تشريعيا , ومناط إعمال مبدأ المساواه هو تماثل المراكز القانونية بالنسبة للتنظيم التشريعى محل البحث 0

( حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 50 لسنة 21 ق جلسة 12 مايو 2002 )


-وعلى ذلك فقد نصت المادة 40 من الدستور المصرى على ان ( المواطنون لدى القانون سواء , وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة , لاتمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) 0

-وهذا المبدأ ليس بالمبدأ الجديد عندنا , فقد نصت عليها دساتير العهد الملكى , كما نصت عليها الدساتير التى صدرت فى مصر الثورة 0

-وقد أضحى هذا المبدأ منذ فترة بعيدة من المبادىء العامة فى القانون التى أصبحت قانونا للضمير الإنسانى فقد تضمنه الإعلان العالمى لحقوق الإنسان – الذى وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة فى المواد 7, 18 , 21/2 , 27 , وقبل ذلك نص عليه إعلان حقوق الإنسان الذى جاءت به الثورة الفرنسية الكبرى سنة 1789 , فقد حدد مضمونه وإرتباطه بالحرية وهو يقول فى مادته الأولى :

( أن الأفراد يولدون ويظلون أحرارا ومتساون فى الحقوق , وأن التمييز الإجتماعى لايمكن أن ينبنى إلا على أساس المنفعة المشتركة ) 0

-ونص فى مادته السادسة على ان :

( القانون يجب أن يكون واحدا بالنسبة للجميع , سواء وهو يحمى , وسواء وهو يعاقب , وكل المواطنين وهم سواء أمام ناظريه – متساوون فى التمتع بكل تمييز , وفى تولى الوظائف العامة , طبقا لكفائتهم , ودون تمييز سوى ما يتمتعون به من فضائل ومواهب ) 0

-ولاشك فى أن المساواة هى أساس الحريات العامة , فالحرية العامة لا وجود لها إذا إقتصر التمتع بها على فئة دون اخرى من المواطنين 0

-والسؤال الذى يطرح نفسه هنا : هل أوردت المادة 40 كل صور التمييز التى تتعارض مع مبدأ المساواه أم أن هناك صورا أخرى لم تتناولها هذه المادة ؟ 0

-فإذا ما فرضنا أن المشرع أصدر قانونا إنتهك فى بعض نصوصه مبدأ المساواه , ولكن هذا الإنتهاك لم يبن على الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة , هل يعتبر هذا القانون متفقا مع الدستور لأنه لم ينطو على اى صورة من صور التميز التى أوردتها المادة 40 , أم انه يعتبر مخالفا للدستور لأن تلك الصور ليست هى كل الصور الممكنة ؟

-عرضت هذه النقطة الهامة على المجلس الدستورى فى فرنسا , وعلى المحكمة الدستورية العليا فى مصر 0

-فقد حدث فى فرنسا أن تضمن التشريع المالى نصا على تحديد وعاء الضريبة العامة على الإيراد ففرق التشريع بين نوعين من الممولين من دافعى هذه الضريبة : الممولين العادين الذين لايزيد إيرادهم العام على حد معين , وكبار الممولين الذين يتجاوز إيرادهم هذا الحد , وأجاز للأولين فقط أن يقدموا الدليل على عدم صحة ما رأته مصلحة الضرائب 0

-وعندما عرض امر هذا التشريع على المجلس الدستورى راى أن هذا النص قد تضمن إخلالا بمبدأ المساواة على الرغم من أنه فيما جاء به من تمييز بين الفريقين لم يبن على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة 0

قرار المجلس الدستورى الصادر فى 27 ديسمبر 1973 – منشور فى مجموعة القرارات الكبرى
للمجلس الدستورى الفرنسى – الطبعة الخامسة – ص 262 وما بعدها

-فمبدأ المساواه ينتهك إذا أخذ القانون باى صورة من صور التميز , ويمكن ان ينتهك فى سواها إذا ماتضمن القانون قواعد مختلفة لأشخاص توجد فى نفس المركز ونفس الظروف 0

قرار المجلس الدستورى الصادر فى 16 يناير 1982 – المرجع السابق

-عرضت هذه النقطة على المحكمة الدستورية العليا فى مصر فإنتهت إلى نفس النتيجة وقالت فى حكم لها :

( إن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءا بدستور سنة 1923 , وإنتهاء بالدستور القائم قد رددت جميعها مبدا المساواه أمام القانون وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة بإعتباره أساس العدل والحرية والسلام الأجتماعى , وعلى تقدير ان الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلا فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التميز التى تنال منها أو تقيد ممارستها , وأضحى هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافأة التى لايقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور , بل ينسحب مجال إعمالها كذلك الى الحقوق التى يكفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء السياسة التشريعية التى يراها محققة للمصلحة العامة , وأن صور التمييز التى أوردتها المادة 40 من الدستور التى تقوم على أساس من الأصل أو الجنس أو اللغة أو الدين لم ترد على سبيل الحصر و فهناك صور أخرى من التمييز لها خطرها , مما يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة قضائية تطبيقا لمبدأ المساواه امام القانون ولضمان إحترامه فى جميع مجالات تطبيقه ) 0

حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 29/4/1989 فى الطعن رقم 21 لسنة 57 دستورية



-ومن صور التمييز التى تنال من مبدأ المساواه : أن يجعل القانون حق الترشيح لمجلس الشورى للمنضمين للأحزاب السياسية دون المستقلين 0

-ومن هذه الصور أيضا أن يحرم المستقلين من الأحزاب من حق الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية , وان نجعل حق الترشيح لمجلس الشعب مقصورا على المنتمين للأحزاب السياسية أو نستثنى بعض مجموعات من الشباب من ذوى المجموع المنخفض فى الثانونية العامة من شرط المجموع للدخول فى الجامعة لمجرد إنتسابهم إلى طوائف بذاتها من المواطنين 0


حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 15/4/1989 الطعن رقم 23 لسنة 8 ق دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 15/4/1989 الطعن رقم14 لسنة 8 ق دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 16/5/1987 الطعن رقم 131 لسنة 6 ق دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 29/6/1985 – الجزء الثالث – ص 239
الدستور المصرى فقها وقضاء – الدكتور / مصطفى أبو زيد فهمى – وزير العدل الأسبق
دار المطبوعات الجاكعية طبعة 1996

-وبإنزال ما تقدم على نص المادة 210/1 من قانون الإجراءات الجنائية – الطعين – يتضح ان فيه إخلالا بمبدأ المساواه , ومخالفة لما نص عليه الدستور فى المادة 40 بما اعطى به هذا النص الحق للمدعى بالحق المدنى الطعن فى قرارات النيابة الصادرة بالأوجه لإقامة الدعوى , سالبا هذا الحق من صاحب الحق الأصيل وهو المجنى عليه فى تمييز غير مبرر وغير مستند على ضرورة قانونية أو إجتماعية أو أى مصلحة عامة تقتضيها طبيعة الظروف والمجتمع وهو ما يجعل ذلك النص غير دستورى ويكون الطعن عليه بعدم الدستورية قد وافق صحيح الدستور والقانون 0


ثانيا : مخالفة النص الطعين لنص المادة 68 , 69 من الدستور

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

-تنص المادة (68) من الدستور المصرى على ان ( التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة , ولكل مواطن حق الإلتجاء الى قاضيه الطبيعى , وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا 0
ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ) 0

-وتنص المادة (69) على أن ( حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ) 0

-هذا وإن كنا قد أوضحنا سلفا بان نص المادة 210/1 من قانون الإجراءات الجنائية قد أخل بمبدأ المساواه الذى أرساه الدستور فى المادة (40) منه إلا أن هذا النص أيضا قد وقف حائلا دون إلتجاء المجنى عليه للقضاء للطعن على قرار النيابة الصادر بألاوجه لإقامة الدعوى , فى ذات الوقت الذى مكن فيه المدعى بالحقوق المدنية من الإلتجاء للقضاء وأعطاه هذا الحق فى الطعن , وهو بذلك وإن كان ينطوى على إخلال بمبدأ المساواه إلا انه أيضا قد جاء مخالفا لنصوص المواد 68 , 69 من الدستور والتى أكدت على الحق فى التقاضى وأن الإلتجاء للقاضى الطبيعى هو حق مصون ومكفول للناس كافة تكفله الدولة وتعمل على تحقيقة , وأن حق الدفاع والطعن لاينبغى بأى حال من الأحوال أن يعطى لفئة من الناس ويسلب من فئة أخرى , خاصة وإن كانت تلك الفئة هى صاحبة الحق الأصيل , فالمجنى عليه فى جريمة من الجرائم هو المضرور الأساسى والأصيل , وقد أوضحنا سلفا أن المدعى بالحقوق المدنية قد لايكون فى كثير من الأحيان هو , بذاته المجنى عليه 0

-ولما كان ذلك وكان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير جميعها المساواه بين المواطنين فيها , فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق – مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة فى حق من الحقوق , ينطوى على إهدار لمبدأ المساواه بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق 0

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 5 لسنة 1 ق جلسة 4 ديسمبر 1971

-وتأكيدا لذلك فقد إستقرت أحكام المحكمة الدستورية العليا على أن ( الدستور أفرد بابه الرابع للقواعد التى صاغهافى مجال سيادة القانون , وهى قواعد تتكامل فيما بينها ويندرج تحتها نص المادة الثامنة والستين الى كفل بها حق التقاضى للناس كافة , دالا بذلك على أن إلتزام الدولة بضمان هذا الحق فرع من واجبها فى الخضوع للقانون , ومؤكدا بمضمونه جانبا من أبعاد سيادة القانون التى جعلها أساسا للحكم فى الدولة على ما تنص عليه المادتان الرابعة والستون والخامسة والستون 0
وإذا كان الدستور قد أقام من إستقلال القضاء وحصانته ضمانين أسايين لحماية الحقوق والحريات , فقد أضحى لازما – وحق التقاضى هو المدخل الى هذه الحماية – ان يكون هذا الحق مكفولا بنص صريح فى الدستور كى لاتكون الحقوق والحريات التى نص عليها مجردة من وسيلة حمايتها بل معززة بها لضمان فعاليتها 0 وحيث إنه متى كان ذلك , وكان الإلتزام الملقى على عاتق الدولة وفقا لنص المادة الثامنة و الستين ميسرا الى محاكمها بالإضافة الى الحماية الواجبة للحقوق المقررة بتشريعاتها , وبمراعاة الضمانات الأساسية اللازمة لإدارة العدالة إدارة فعالة وفقا لمستوياتها فى الدول المتحضرة , وكانت الحقوق التى تستمد وجودها من النصوص القانونية يلازمها بالضرورة – ومن أجل إقتضائها – طلب الحماية التى يكفلها الدستور أو المشرع لها , بإعتبار أن مجرد النفاذ الى القضاء فى ذاته لايعتبر كافيا لضمانها , وإنما يجب أن يقترن هذا النفاذ دوما بإزالة العوائق التى تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها , وبوجه خاص ما يتخذ منها صورة الأشكال الإجرائية المعقدة , كى توفر الدولــــة للخصومـــة فى نهايـــة مطافها حلا منصفا يقوم على حيدة المحكمة وإستقلالها ويضمن عدم إستخدام التنظيم القضائى كأداة للتمييز ضد فئة بذاتها أو للتحامل عليها , وكانت هذه التسوية هى التى يعمد الخصم إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التى يطلبها لمواجهه الإخلال بالحقوق التى يدعيها , فإن هذه الترضية – وبإفتراض مشروعيتها وإتساقها مع أحكام الدستور – تندمج فى الحق فى التقاضى , وتعتبر من متمماته , وذلك لآرتباطها بالغاية النهائية المقصوده منه برابطة وثيقة وآية ذلك أن الخصومة القضائية لاتقام للدفاع عن مصلحة نظرية لاتتمخض عنها فائدة عملية , ولكن غايتها طلب منفعة يقرها القانون وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها , وذلك هو ما أكدته هذه المحكمة بما جرى عليه قضاؤها من أن الدستور أفصح بنص المادة الثامنة والستين منه عن ضمان حق التقاضى كمبدأ دستورى أصيل مرددا بذلك ما قررته الدساتير السابقة ضمنا من كفالة هذا الحق لكل فرد – وطنيا كان أو أجنبيا - بإعتباره الوسيلة التى تكفل حماية الحقوق التى يتمتع بها قانونا ورد العدوان عليها ) 0

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 98 لسنة 4 ق جلسة 5 مارس 1974


ثالثا : مخالفة النص الطعين لما إستقرت عليه مبادىء
المحكمة الدستورية العليا فيما إصطلح عليه التعريف
بمبدأ تكافؤ الأسلحة فى الدعوى الجنائية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-أرست المحكمة الدستورية العليا ورسخت مبدأ هام يتمثل فى ضمان المساواة فى الأسلحة بين أطراف الخصومة , بحسب لفظ المحكمة المحكمة الدستورية العليا 0

-حيث ينبسق ضمان المساواة فى الأسلحة من ضمان دستورى عام يسرى على جميع الحقوق والحريات ولايقتصر على ما يتعلق بالخصومة الجنائية , وهو مبدأ المساواه , وهو من مبادىء حقوق الإنسان التى أكدها العهد الدولى , للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966 ( المادة 14/1 ) 0

-وقد عنى هذا العهد الدولى بإبراز المساواه فى الأسلحة بين أطراف الخصومة فى الدعوى الجنائية لتطبيق مبدأ المساواه , فنصت الفقرة الثالثة من مادتها الرابعة عشر , على ان لكل فرد عند النظر فى أى تهمة جنائية , الحق فى حد ادنى من الضمانات على سبيل المساواة التامة 0

-وقد إستقر قضاء المحكمة الدستورية على ان المساواة كضمان دستورى ليست مساواة حسابية بل يملك المشرع بسلطته التقديرية , ولمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون , ويتحدد نطاق مبدأ المساواة أمام القانون وفى داخل القانون , وبواسطة القانون 0

حكم المحكمة الدستورية العليا فى 7 فبراير سنة 1981 فى القضية رقم 7 لسنة 1ق0د
مجموعة أحكام الدستورية العليا 0 ج 1 , ص 161





-ويقصد بالمساواه أمام القانون تطبيقه بنفس الطريقة على الجميع مهما كانت مستوياتهم بإعتبار ان القانون بقواعده العامة المجردة يطبق على الجميع بغير إستثناء 0

-وتتحقق المساواه داخل القانون لتقرير معاملة واحدة للمراكز القانونية 0

-وتتحقق المساواه بواسطة القانون حين يقرر القانون معاملة قانونية مختلفة للمراكز القانونية المختلفة , فتتحقق المساواه بتحقق الإختلاف فى المعالمة بين المختلفين 0

-وقد أكد الدستور المصرى هذا المبدأ فى المادة 40 منه , ولما كان المقصود من المساواه لاينصرف الى المساواة الحسابية , فإن مدلول المساواة يتوقف على رفض التحكم فى المعاملة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة 0

-ويتحدد مدلول المساواة فى الأسلحة فى تمتع أصحاب المراكز القانونية – أى أطراف الدعوى الجنائية – بذات الحقوق والحريات , فمتى حرم أحدهم من هذه الحقوق والحريات التى كفلها الدستور , بينما تمتع بها الآخر , كان النص القانونى الذى أقام هذا التمييز مخالفا لمبدأ المساواه , فضلا عن مخالفته للحقوق والحريات التى اهدرها هذا النص , وهو ما يطلق عليه كما بينا من قبل مبدأ المساواه فى الأسلحة 0

-ولاتعنى المساواة فى الأسلحة ان يحدد النص حق الدفاع فى ممارسة حقوقه , بل يجب أن يشتمل على تمكينه من هذا الحق بالقدر الضرورى الذى يتفق مع المقتضيات العامة للمحاكمة المنصفة 0

-وقد أشارت المحكمة الدستورية العليا فى مصر الى المساواة فى الأسلحة , فقالت فى أحد احكامها ( بعدم جواز الإخلال فى إطار المحاكمة المنصفة بضمان الدفاع التى تتكافأ الخصوم معها أسلحتها ) 0

حكم المحكمة الدستورية العليا 5 أغسطس سنة 1995 – القضية رقم 9 لسنة 16 ق 0 د
مجموعة أحكام الدستورية العليا , جـ 7 , ص 106

-وقد قضى بأن المساواة فى الأسلحة يسرى على كل طرف فى الدعوى الجنائية سواء كان هو المتهم أو المدعى بالحق المدنى , وحكم أيضا بأنه يعتبر إخلالا بمبدأ المساواه تأييد غرفة المشورة الأمر بحبس المتهم بعد سماع أقوال المدعى المدنى دون سماع أقوال المتهم 0

-كما حكم بأن إحترام حقوق الدفاع ينطوى على وجود إجراءات عادلة ومنصفة تكفل التوازن بين حقوق الخصوم 0

-وقد أكد هذا المبدأ المؤتمر الثانى عشر لقانون العقوبات المنعقد فى هامبورج سنة 1979 , فقرر بأن الدفاع يجب أن يكون طرفا جوهريا فى الإجراءات وأن يملك وسائل فعالة فى مواجه أى أو كل أدلة الإثبات من إتهام , وأن يقدم ما يثبت دفاعه 0

-وقضى بعدم دستورية النص الذى يسمح للمدعى بالحق المدنى أمام محكمة الجنح أن يقدم طلبات جديدة أمام محكمة الجنح المستانفة أو أن يدعى أمامها لأول مرة , وذلك لأن هذه الرخصة تمس مبدأ مساواة المتهمين أمام القضاء , لأن حقهم فى التمتع بمبدأ التقاضى على درجتين فيما يتعلق بالحقوق المدنية يتوقف على سلوك المدعى المدنى 0

قرار المجلس الدستورى الفرنسى فى 19 , 20 يناير 1981

-وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا فى مصر أن الناس لايتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى اللجوء الى قاضيهم الطبيعى , ولا فى نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التى تحكم الخصومة عينها , ولا فى فاعلية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور للحقوق التى تطلبوها ولا فى إقتضائها , وفق مقاييس واحدة , عند توافر شروط طلبها , ولا فى طرق الطعن التى تنظمها بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها أو الدفاع عنها , أو إستدعائها , أو الطعن فى الأحكام الصادرة فيها , ولايجوز بالتالى أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد فى شأن فئة بذاتها من المواطنين ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التى يعتبر ضمان الحق فيها والنفاذ إليها طريقا واحدا لمباشرة حق التقاضى المنصوص عليه فى المادة 68 من الدستور , ولا ان يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التى يعتبر إهدارها إخلالا بالحماية التى يقررها الدستور للحقوق جميعها 0

حكم المحكمة الدستورية العليا أول فبراير سنة 1992 – القضية رقم 3 لسنة 8 ق 0 د
مجموعة أحكام الدستورية العليا , جـ 5 ( المجلد الأول ) , ص 142

-وقضت أيضا بان المساواة فى الأسلحة تتطلب تمكين كل طرف فى الخصومة الجنائية إمكانية معقولة فى تقديم قضيته , بما فى ذلك أدلته فى ظروف لاتضعه فى وضع أقل من وضع خصمه 0

الدكتور / أحمد فتحى سرور – القانون الجنائى الدستورى – دار الشرق – ص 374 وما بعدها
لذات المؤلف – الحماية الدستورية للحقوق والحريات – طبعة 2000 – ص 115


رابعا : المادة الطعينة تتعارض مع حكم المحكمة الدستورية العليا
الصادر فى القضية رقم 163 لسنة 26 قضائية
وما بنى عليه هذا الحكم من أسباب
ـــــــــ

-قضت المحكمة الدستورية العليا فى الحكم المشار إليه بعدم دستورية نص المادة 210 إجراءات جنائية القديم قبل التعديل , وذلك فيما أغفله من حق المتهم فى الطعن على أمر النيابة العامة بأن لاوجه لإقامة الدعوى , وقصره على المدعى بالحقوق المدنية فقط , وذلك بقولها بأنه ( وحيث إن النعى على نص المـادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية ـ فى حدود النطاق السالف بيانه ـ سديد فى مجمله ، ذلك أن المدعى بالحق المدنى والمتهم طرفان فى خصومة جنائية واحدة ـ أياً ما كان وجه الرأى فى طبيعة تلك الخصومة ـ بما يُعدّ معه الاثنان فى مركز قانونى متماثل فى هذا المقام ، فإذا اختص النص المطعون فيه المدعى بالحق المدنى بحق الطعن على القرار بألا وجه ، وحرم منه المتهم ـ كان ذلك إهداراً لمبدأ المساواة بما يناقض نص المادة (40) من الدستور .

-ومن ناحية أخرى فإن حرمان المتهم من الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية يصادر حقه الدستورى فى المثول أمام قاضيه الطبيعى ويهدر حقه فى التقاضى لنيل الترضية القضائية المنصفة ، ذلك أن القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية فضلاً عن أنه لا يبرئ ساحة المتهم ـ على خلاف الحكم القضائى البات ـ ليست له حجية مطلقة بل يمكن للنائب العام أن يلغيه خلال مدة الثلاثة الأشهر التالية لصدوره ما لم يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة بحسب الأحوال برفض الطعن المرفوع فى هذا الأمر ، كما لا يمنع صدور هذا الأمر النيابة العامة من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية طبقاً لنص المادة (197) من قانون الإجراءات الجنائية ، ومؤدى ما تقدم أن مصادرة حق المدعى فى الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية من شأنه أن يجعله ـ فى حالات معينة ـ مهدداً بإلغائه وإعادة التحقيـق معـه فى أى وقت بما ينطوى على تغيير واقعى ـ وليس مجرد تغيير نظرى ـ فى المركز القانونى للمدعى يفقد فى ظله ضمانات الدفاع عن نفسه ، ويعجز عن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، فضلاً عن أن المتهم من حقه أن يناضل فى سبيل إبراء ساحته والدفاع عن سمعته واعتباره . وسبيل ذلك ووسيلته محاكمة عادلة يصدر فيها حكم قضائى نهائى بذلك . ومن ثم فإن النص المطعون عليه يخالف نصوص المواد 64 ، 65 ، 67 ، 68 ، 165 من الدستور ) 0

-وجدير بالذكر أن هذا الحكم لم يتعرض لبحث المادة 210 إجراءات جنائية كليا , وإنما تحدد نطاق الحكم كما جاء بالحيثات من انه ( يتحدد به نطاق الدعوى الدستورية ينحصر فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (209) من منح النيابة العامة سلطة إصدار الأمر بألا وجه ، وما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (210) من قصر حق الطعن فى الطعن على الأمر بألا وجه لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق المدنية فقط دون المتهم ، ولا يتعداه إلى غير ذلك من أحكام وردت فى المادتين المطعون فيهم ) 0

-وعلى ذلك فإن هذا الحكم لايقيد المحكمة الدستورية العليا فى بحث موضوع الطعن الماثل لإرتكانه على أسباب ونطاق تختلف عن الحكم الصادر فى القضية رقم 163 لسنة 26 قضائية0

خامسا : المادة الطعينة تتعارض مع مبدأ الدولة القانونية
المواد (64، 65 من الدستور)
لمخالفتها لجميع العهود والمواثيق الدولية المصدق عليها من الحكومة المصرية
ـــــــــ

الدولة القانونية ومشروعية السلطة

-وحيث أن الدستور إذ نص فى المادة 65 منه على خضوع الدولة للقانون وان استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها - وأيا كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لأحد، ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها 0

-ولئن ثم القول بان السلطة لا تعتبر مشروعة ما لم تكن وليدة الإرادة الشعبية وتعبيرا عنها، إلا أن انبثاق هذه السلطة عن تلك الإرادة وارتكازها عليها لا يفيد بالضرورة أن من يمارسها مقيد بقواعد قانونية تكون عاصما من جموحها وضمانا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها متخطية حدودها، وكان حتما بالتالى أن تقوم الدولة فى مفهومها المعاصر - وخاصة فى مجال توجيهها نحو الحرية - على مبدأ مشروعية السلطة مقترنا ومعززا بمبدأ الخضوع للقانون باعتبارهما مبدءان متكاملان لا تقوم بدونهما المشروعية فى اكثر جوانبها أهمية، ولان الدولة القانونية هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمان يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل تنظيم، وحدا لكل سلطة، ورادعا ضد العدوان.

(السبت 4/1/1992 – برقم22/8 ق د - ج ر - العدد 4 فى23/1/1992)

خضوع الدولة للقانون والحقوق المسلم بها ديمقراطيا

-وحيث أن المقرر أن مبدأ خضوع الدولة للقانون - محدد على ضوء مفهوم ديمقراطى - مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية، مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية بالنظر إلى مكوناتها وخصائصها،

( رقم49/17 ق د -ج ر - العدد 25 فى 27/6/ 1996)

ضرورة الالتزام بالحد الأدنى المقبول فى الدول الديمقراطية

-وحيث أن الدستور ينص فى مادته الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى ، وفى مادته الثالثة على أن السيادة للشعب، وهو يمارسها ويحميها على الوجه المبين فى الدستور0

-وحيث أن مؤدى هذه النصوص - مرتبطة بالمادة 65 من الدستور - انه فى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية، فان مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، وتتقيد هى بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى إلتزمتها الدول الديمقراطية باطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل بالتالى على إنتاجها فى مظاهر سلوكها المختلفة، وفى هذا الإطار، والتزاما بأبعاده، لا يجوز للدولة القانونية فى تنظيماتها المختلفة أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية، ولا أن تفرض على تمتعهم بها أو مباشرتهم لها قيودا تكون فى جوهرها أو مداها مجافية لتلك التى درج العمل فى النظم الديمقراطية على تطبيقها، بل أن خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم ديمقراطى مؤاده ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى تعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة،

(السبت 4/1/1992 - برقم 22/8 ق د - ج ر – العدد4 فى 23/1/1992)



-ومن جماع ما تقدم يتضح ضرورة النظر للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بوصفها أداة كاشفة لما التقت عليه إرادة المجتمع الدولى فى تنظيم الحقوق والحريات

أولا : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948

المادة 2
لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر.

المادة 7
الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز،، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز.


ثانيا : العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966
تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49
من الديباجة
والموافق عليها من الحكومة المصرية بالقرار الجمهوري
رقم 536 لسنة 1981

المادة 26
الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.

ثالثا : الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب
تمت إجازته من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18 في نيروبي (كينيا) يونيو 1981

المادة 2
يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات المعترف بها والمكفولة فى هذا الميثاق دون تمييز خاصة إذا كان قائما على العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى أو أى رأي آخر، أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أى وضع آخر.


المادة 3
1- الناس سواسية أمام القانون.
2- لكل فرد الحق فى حماية متساوية أمام القانون.

رابعا : الميثاق العربي لحقوق الإنسان
اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية 5427 المؤرخ في 15 سبتمبر 1997

المادة 2
تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل لكل إنسان موجود على أراضيها وخاضع لسلطتها حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة فيه دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون أي تفرقة بين الرجال والنساء.

المادة 9
جميع الناس متساوون أمام القضاء وحق التقاضي مكفول لكل شخص على إقليم الدولة 0

-ولما كانت الإتفاقات الدولية والعهود والمواثيق التى تصدق عليها الحكومة تعتبر ملزمة لها بنص الدستور كأحد قوانينها , وبإنزال أحكام النصوص المتقدمة نجد ان نص المادة 210/1 من قانون الإجراءات الجنائية قد جاء مخالفا لكل ما نصت عليه العهود والمواثيق والإتفاقات الدولية من صيانة حق المساواه بين الناس , و كفالة حق الإلتجاء للقضاء , وذلك بإعطاء الحق للمدعى بالحق المدنى فى الطعن على قرارات النيابة الصادرة بألاوجه لإقامة الدعوى , وحظر ذلك الحق على المجنى عليه 0

-هذا وبناء على ما تقدم، وحيث أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة كما أن نصوصه لها الصدارة بين قواعد التشريع التي يتعين التزامها، ولا يجوز للسلطة التشريعية أن تسن من القوانين ما يتعارض مع أحكام الدستور وإلا شكل ذلك مخالفة دستورية تخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا، التي أسندت إليها مهمة حماية أحكام الدستور.

-وحيث أن المادة (4/1) من قانون المحكمة العليا رقم 81 لسنة 1969 والمادة (29ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 قد نصا على أنه (إذا دفع أحد الخصوم أمام إحدى المحاكم بمناسبة دعوى معروضة عليها بعدم دستورية القانون، المطلوب تطبيقه في الدعوى محل النزاع، فعلى المحكمة المثار أمامها الدفع أن توقف الفصل في الدعوى وتعطي للخصوم ميعاداً يرفعون فيه دعوى أمام المحكمة العليا.)