بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 مارس 2012

مدى نجاح تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر منذ الفتح حتى الإحتلال الإنجليزى ووضع مصر بعد إلغاء العمل بتطبيق الشريعه


دخل الإسلام مصر منذ الفتح الإسلامى لها بقيادة عمرو بن العاص عام 20 هـ الموافق 641 م فى زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه , فأحل الإنصاف محل ماساد البلاد فى آواخر العهد الرومانى من فوضى , وظلم عندما عهد بالقضاء الى البطارقة وأهل الجهاد منهم فإستأثروا بالسلطة القضائية وأهملوا العدل وظلموا الرعية 0 

-    وطبقت الشريعة الإسلامية بدلا من القوانين الرومانية وأرست قواعد العدل والأمان بين الناس مسلمين وغير مسلمين  [1] , فيما عدا مايتعلق بالمسائل العقائدية وبعض مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين , وقام الفاتحون بتنظيم شئون القضاء , وأنشأوا المحاكم التى كانت تقضى بما تقضى به الشريعة الإسلامية , وكانت المحاكم الشرعية فى العاصمة والأقاليم والمراكز تفصل فيما يعرض عليها من القضايا الجنائية طبقا للشريعة الإسلامية , فكانت إجراءات تحقيقها وإجراءات نظرها والفصل فيها أمام القضاء الشرعى 0 

-     وفى عهد الأموين أوجدوا الشرطة لتنفيذ الأحكام القضائية وإقامة الحدود ومساعدة القضاة فى إثبات التهم ونفيها 0 

-    وإستمر العمل بأحكام الشريعة الإسلامية فى عهود الدول الإسلامية المختلفة دون أن تتأثر بالإنقلابات السياسية التى تمت – إذا إستثنينا أثر ذلك فى إختيار المذهب الذى يعمل بأحكامه – وكان العمل فى القضاء بمذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه , ثم إستقر الأمر بعد ذلك على العمل بالمذاهب الفقهية الأربعة , وكان لكل مذهب قاضى يقضى تبعا لأحكامه 0 

-    وفى عام 1517 م إحتل الأتراك مصر , وأصبح المذهب الحنفى هو المذهب الرسمى للبلاد , وحينما قامت فى مصر حكومة الأمراء المماليك الأخيرة تحت رعاية الدولة العثمانية عمت الفوضى البلاد , وإنتشر الفساد وساد الظلم , وتغلبت قوانين المماليك وأنظمتهم على أحكام الشريعة الإسلامية , وإعتدوا على إختصاصات القضاة الذين يقضون وفقا لأحكامها وظل الأمر كذلك حتى تولى محمد على حكم البلاد سنة 1805 وقضى على المماليك , وأعاد سلطة القاضى الحنفى فى مصر رسميا وتوسع فى تشكيل المحاكم الشرعية فى البلاد 0 

-    وفى شعبان سنة 1245 هـ الموافق يناير سنة 1830 م أصدر محمد على قانون الفلاحه وكان الهدف منه تنظيم أمور الزراعه لكنه فى الحقيقة كان قانونا جنائيا أكثر منه زراعيا فنص على الأفعال غير المشروعه وعقوباتها , وكان يحيل إلى الشريعة الإسلامية الأفعال التى تعتبرها جنايات لكى تطبق علي مرتكبيها عقوباتها الشرعية والإجراءات المتبعة فى ذلك 0 


-    وفى 5 جمادى الأول سنة 1271 الماوفق أول يناير سنة 1855 م أصدر سعيد باشا قانون الجزاء الهمايونى – وكان لهذا القانون صبغته – الجنائية والإدارية وبقى القانون الرسمى للبلاد فى الناحية الجنائية مدة تسعة وعشرون عاما منذ صدوره وحتى صدر قانون 1883 0 

-    وقد وافق هذا القانون فى كثير من نصوصه أحكام الشريعة الإسلامية , وإستقى مبادئه منها , ومن القانون الفرنسى وعلى الخصوص قانون نابليون الصادر 1810 م 

-    وكان النظام القضائى عبارة عن المحاكم الشرعية فى العاصمة والأقاليم , والمراكز , وتفصل فيما يعرض عليها من القضايا المدنية والجنائية بين الأهالى طبقا للشريعة الإسلامية 0 

-    ويحرر القاضى إعلاما شرعيا يتولى الحاكم العرفى تنفيذه وكان على قضاة الشريعة كل مايتعلق بالأحكام الشرعية وعلى الأخص فى قضايا القتل التى يجرى إثباتها وتحقيقها ومايقتضيه التحقيق من حبس المتهمين إحتياطيا , وكان ذلك أمام القضاء الشرعى فى القاهرة والأقاليم 0 

-    وقد جاءت لائحة المحاكم الشرعية الصادر فى 17 يونيه سنة 1880 م  التاسع من رجب سنة 1297 هـ فأقرت إختصاص المحاكم الشرعية فى المسائل الجنائية وفى الحكم بالقصاص فى النفس ومادونها , ونصت على أن يكون نظرها فى مواد القتل بمحكمتى مصر والإسكندرية ومحاكم المديريات والمحافظات بعد الإحالة عليها من المجالس النظامية , وعند ذلك يجرى نظرها والحكم فيها شرعا , ويعقب هذا صدور الإعلام الصادر بها 0 

-    ويستنتج مما سبق من عرض تاريخى عن التطور التشريعى فى مصر منذ الفتح الإسلامى وإلى أن صدر قانون سنة 1883 أن أحكام الشريعة الإسلامية عمل بها فى مصر منذ الفتح الإسلامى لها سنة 20 هـ الموافق 641 م بقيادة عمرو بن العاص , وإستمر الحال فى العمل بها سواء فى المسائل الموضوعية أو الإجرائية , حتى تولى محمد على حكم البلاد سنة 1805 م , حتى حلت مكانها القوانين الأجنبية إثر إحتلال الإنجليزى لمصر وخصوصا قانون تحقيق الجنايات سنة 1883 م 0 

-    ومعنى هذا أنه قد عمل بأحكام الشريعة الإسلامية فى مصر مدة قد تزيد على إثنى عشر قرنا من الزمان فما شعر أحد بظلم بسببها بل أحس كل الناس مسلمين وغير مسلمين بمعنى العدل والأمن والأمان فى ظل أحكامها السمحة العادلة , اللهم إلا ماكانت تقترفه أيدى بعض الحكام من ظلم بسبب مخالفة الشريعة الإسلامية 0[2]

- وأن بناء مصر الحديثة والدولة المدنية فى عهد محمد على إنما كانت على أساس من الحكم الإسلامى وتطبيق الشريعة الإسلامية , وما أثر ذلك فى بناء الدولة الحديثة والنهضة التى قام بها محمد على , بل كانت سببا فيها وركيزة لها 

-    والخلاصة أن مصر تحت حكم الشريعة الإسلامية دولة عظمى متقدمة صاحبة سيادة وثقل دولى , أما مصر تحت القانون الوضعى دولة محتلة متخبطه مديونه يسود فيها الظلم والفساد 0

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1        - البداية والنهاية لإبن كثير جـ 7 طبعة عام 1351 ص 147 , 148

2 – ورد تفصيلا فى الحبس للتهمة وضماناته فى الفقه الإسلامى – لأستاذنا الدكتور / عبد العزيز رمضان سمك – طبعة 2008 – صـ 32 ومابعدها        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق