بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 مارس 2012

عدم مشروعية منع المتهم من السفر فى ظل الدستور والقانون المصرى


منع المتهم من السفر أمر لايقره الدستور والقانون المصرى
إصدار النائب العام أمر بالمنع من السفر قرار باطل ومنعدم لمخالفته للدستور ولايعدو أن يكون قرار إدارى يطعن عليه بمجلس الدولة
:
التأسيس القانونى التالى جزء من مذكرة دفاع قدمت من مكتبى فى أحد القضايا عام 2009

ــــــــ

تنص المادة 208 مكرر ( أ ) أ . ج على أنه ( فى الأحوال التى تقوم فيها من التحقيق ادلة كافية على جدية الأتهام فى أى من الجرائم المنص
وص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات , وغيرها من الجرائم التى تقع على الأموال المملوكة للدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها أو غيرها من الأشخاص الأعتبارية العامة , وكذا فى الجرائم التى يوجب القانون فيها على المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها برد المبالغ أو قيمة الأشياء محل الجريمة أو تعويض الجهة المجنى عليها , إذا قدرت النيابة العامة أن الأمر يقتضى إتخاذ تدابير تحفظية على اموال المتهم بما فى ذلك منعه من التصرف فيها أو إدارتها , وجب عليها أن تعرض الأمر على المحكمة الجنائية المختصة طالبة الحكم بذلك ضمانا لتنفيذ ما عسى ان يقضى به من غرامة أو رد أو تعويض .

- وللنائب العام عند الضرورة أو فى حالة الأستعجال أن يأمر مؤقتا بمنع المتهم أو زوجه أو أولاده القصر من التصرف فى اموالهم أو إدارتها , ويجب أن يشتمل أمر المنع من الأدارة على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها , وعلى النائب العام فى جميع الأحوال أن يعرض أمر المنع على المحكمة الجنائية المختصة خلال سبعة ايام على الأكثر من تاريخ صدوره بطلب الحكم بالمنع فى التصرف أو الأدارة وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن .

- حيث ان المادة 208 مكرر ( أ ) التى أستبدلت بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998 الصادر بالجريدة الرسمية العدد 51 ( مكرر ) الصادر فى 20/12/1998 , والتى بموجبها غلت يد النائب العام فى إتخاذ أى إجراءات تحفظية ضد المتهم بما فى ذلك المنع من السفر .

- حيث أن المشرع وطبقا للدستور وما أستقر عليه حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 26 لسنة 12 ق دستورية , والذى تعرض لنص م 208 مكرر ( أ ) المضافة بالقانون رقم 43 لسنة 1967 الصادر فى 12/10/1967 والتى كانت تبيح فى فقرتها الأخيرة - أى إجراءات تحفظية أخرى – وهى الفقرة التى كان يستند إليها كمبرر لمنع الشخص من السفر !! قد عدل هذه المادة وحذف هذا الجزء فى الفقرة الأخيرة طبقا لما هو مسطر بصدر التظلم .

- حيث إقتصر الأمر على إصدار أوامر المنع من التصرف فى الأموال والممتلكات طبقا للضوابط التى وضعتها المادة 208 ( أ ) مكرر أ0ج المعدلة بالقانون 174 لسنة 1998 .

- لما كانت الحرية الشخصية هى حق طبيعى مصون كفله الدستور , وبذلك تعتبر الأصل فى السلوك الإنسانى , فلايجوز تقييدها , أو الحد منها إلا فى حدود ماينص عليه الدستور حماية للصالح العام

- وقد نصت المادة 41 من الدستور المصرى على أن ( الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لاتمس , وفيما عدا حالة التلبس لايجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق , وصيانة أمن المجتمع , ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة وذلك وفقا لأحكام القانون )

- وعلى ذلك فإن الدستور قد وضع قاعدة عامة لاتصلح بذاتها للتطبيق إلا فى حدود القواعد التى يسنها المشرع ويضعها على وجه مفصل لايقبل التوسع أو القياس

- وبالرجوع للقانون نجد أنه قد نظم حالات القبض والحبس والإحتياطى وفق معايير محددة وبشروط معينة ولم يجعلها على إطلاقها بل نص على إختصاص جهات معينة بممارسة هذه الحقوق , وكفل للمتهم حق التظلم والإستئناف فى الأحكام أو القرارت الصادرة ضده سواء بالقبض , أو الحبس الإحتياطى , أو الحبس تنفيذا لحكم قضائى صادر وفق نص عقابى

- وبالنظر لإعطاء سلطات التحقيق الحق فى منع المتهم من السفر , فقد كان ذلك مخول لها بموجب نص المادة 208 مكرر (أ) حيث ذيلت نص هذه المادة بعبارة ( أو أى إجراءات تحفظية أخرى) والتى كانت تعطى للنيابة العامة الحق فى إصدار أمر بمنع المتهم من السفر و بإعتبار أن هذا المنع ضمن الإجراءات التحفظية الأخرى التى ورد النص عليها فى المادة 208 مكرر (أ) عقوبات سابق الإشارة إليها

- إلا أن المحكمة الدستورية العليا قضت فى حكمها الصادر فى القضية رقم 26 لسنة 12 ق دستورية , بعدم دستورية نص هذه المادة , على سند من أن التدابير التحفظية التى وردت بنص هذه المادة لايجوز أن تكون تحت سلطان و تصرف النيابة كونها تدابير من الخطوره بحيث تسترعى فرض رقابة قضائية تكون أقدر على وزن الأمور ووضعها فى نصابها الصحيح بإعتبار أن التحفظ على الأموال هو تعدى على الملكية الخاصة وهى مصونة ولايجوز ذلك إلا لإعتبارات تستهدف صالح المجتمع , وهذه الإعتبارات يجب أن تصدر عن قضاء حكم , وليس جهة تحقيق , وأن عبارة ( أى إجراءات تحفظية أخرى ) هى عبارة واسعة تعطى سلطة واسعة لسلطات التحقيق تتصادم مع مانص عليه الدستور من ضمانات وحريات

- وعلى ذلك تم إلغاء نص المادة 208 مكرر (أ) وإستبدل بها النص المضاف بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998 الصادر بالجريدة الرسمية العدد 51 مكرر الصادر فى 20/12/1998 , والذى أتى بأحكام تخالف النص القديم ليتوافق مع حكم المحكمة الدستورية على النحو التالى :

1- أن إتخاذ التدابير التحفظية التى تستهدف التحفظ على الأموال والممتلكات الخاصة بالمتهم أو زوجته أو أولاده , أصبح من إختصاص المحكمة الجنائية المختصة وليس النيابة العامة أو النائب العام

2- حذفت عبارة ( أو أى إجراءات تحفظية أخرى ) والتى كانت تبيح للنائب العام منع المتهم من السفر , وعلى ذلك فلا يجوز للنائب العام أو أى جهة أخرى أن تمنع شخصا من السفر بحجة أن هناك تحقيق يجرى ضده

- وعلى ذلك فإن نص المادة (41) من الدستور لايصلح بذاته لأن يتخذ كسبب يقيد الحرية الشخصية بأى وسيلة , طالما أن القانون لم ينص صراحة على إتخاذ أى إجراءات لتقييد حرية الشخص وهو مانصت عليه صراحة المادة (41) من الدستور

- وبذلك فإن قرار النائب العام بمنع المتهم من السفر لايعتبر قرار قضائى صادر بصدد تحقيق , لإفتقاره للسند القانونى الذى يعطيه هذا الحق , ومن ثم يصبح هذا القرار هو محض قرار منعدم صادر ممن لايملكه متعديا على الحق المكفول للمدعى بمقتضى الدستور

- وحيث أن قرار السيد / وزير الداخلية بمنع المدعى من السفر إذ إستند على قرار منعدم صدر ممن لايملكه فيكون بالتالى قراره منعدما أيضا ولايجوز الإحتجاج بأن قراره قد صدر بناء على طلب النائب العام , فالقرار المنعدم وعلى ماذهبت إليه أحكام القضاء الإدارى هو محض عمل مادى لايرتب أى أثر قانونى ولايعتد به

- فالقرار القضائى يفترق عن القرار الإدارى فى أن الأول يصدر من هيئة قد إستمدت ولاية القضاء من قانون محدد لإختصاصها مبين لإجراءاتها وما إذا كان ماتصدره من أحكام نهائيا أو قابلا للطعن مع بيان الهيئات التى تفصل فى الطعن فى الحالة الثانية وأن يكون هذا القرار حاسما فى خصومه أى فى نزاع بين طرفين مع بيان القواعد القانونية التى تنطبق عليه ووجه الفصل فيه

الدعوى رقم 3950 لسنة 7 ق جلسة 13/12/1954 س 9 ص 127
الدعوى رقم 182 لسنة 1 ق جلسة 6/1/1948 س 1 ص 182

- وقد إستقرت أحكام محكمة القضاء الإدارى على ( إختصاص المحكمة بنظر طلب إلغاء القرار الصادر بالمنع من السفر حتى ولو كان القرار صادرا بناء على طلب من النائب العام بمناسبة تحقيق يجرى فى إحدى القضايا ذلك أن مجرد طلب النيابة العامة من وزارة الداخلية إدراج إسم أحد الأشخاص على قوائم الممنوعين من السفر لايعتبر من قبيل القرارات القضائية كما أنه لاتتوافر لهذا الطلب مقومات القرار الإدارى النهائى ذلك أنه لايترتب عليه إحداث أثر قانونى بمجرد صدوره بل هو لايعدو أن يكون طلبا إلى مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية لإدراج إسم الشخص على قوائم الممنوعين من السفر وهو بهذه المثابة يكون ركن السبب فى القرار المطعون فيه ويتعين الإلتفات عن الدفع بعدم الإختصاص الولائى لمجلس الدولة )

الدعوى رقم 1419 لسنة 28 ق جلسة 25/5/1976
الدعوى رقم 3370 لسنة 39 ق جلسة 14/1/1986 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق